الحقّة (١). واقترح أحد الأشرار يوماً على المتوكل أن لا يُخدم الامام عليهالسلام عند دخوله في دار الملك المأمور بالركوب اليها مرتين في الاسبوع ، وأن لا يتبع برفع ستر ولا فتح باب ولا شيء من هذا القبيل ، وقال له : ان هذا إذا علمه الناس قالوا : لو لم يعلم استحقاقه للأمر ما فعل به هذا ، دعه إذا دخل يشيل لنفسه ويمشي كما يمشي غيره ، فتمسه بعض الجفوة ، فتقدم المتوكل أن لا يخدم ولا يشال بين يديه ستر (٢). وفي كل هذه الموارد وغيرها يتخلص الامام عليهالسلام منها بفضل كرامته عند الله سبحانه.
ومن محاولات المتوكل الرامية الى الاستخفاف بالامام عليهالسلام ، هو أنه أمره بالترجل والمشي بين يديه يوم الفطر من السنة التي قتل فيها المتوكل ٢٤٧ ، فمشى الامام عليهالسلام مع عامة الناس حتى تفصد وجهه عرقاً وكان الجو صيفاً والامام عليهالسلام لا يستطيع السير إلا متكأ لمرض ألمّ به (٣).
ويصرح المتوكل أن الأمر الذي أعياه هو أن الامام لم يجالسه على مائدة الشراب التي لم يفارقها المتوكّل ، فقد روي بالاسناد عن أبي الطيب يعقوب بن ياسر ، قال ، كان المتوكل يقول ، ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا ، وجهدت أن يشرب معي وأن ينادمني فامتنع ، وجهدت أن أجد منه فرصة في هذا فلم أجدها (٤). وهذا يكشف عن سقوط الحاكم على المستوى الأخلاقي ، وسعيه الى
__________________
(١) الثاقب في المناقب : ٥٥٥ ، كشف الغمة ٣ : ١٨٣.
(٢) مناقب ابن شهرآشوب ٤ : ٤٠٦ ، بحار الانوار ٥٠ : ١٢٨ / ٦.
(٣) إثبات الوصية : ٢٤٠ ، الخرائج والجرائح ١ : ٤٠٢ / ٨ ، مهج الدعوات : ٣٣٠.
(٤) أصول الكافي١ : ٥٠١ / ٨ ـ باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام من كتاب الحجة ، الارشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٣٠٧ ، المناقب / ابن شهر آشوب ٤ : ٤٠٩.