جرّ أشراف الناس الى الرذيلة التي يعيشها.
من هنا كان المتوكل يشهر بالامام عليهالسلام ويتهمه ويتهم بعض محبيه ، فقد روى شيخ الطائفة الطوسيبالاسناد عن المنصوري ، عن عم أبيه أبي موسى ، قال : دخلت يوماً على المتوكل وهو يشرب فدعاني إلى الشرب ، فقلت : يا سيدي ، ما شربته قط ، قال : أنت تشرب مع علي بن محمد. قال : فقلت له : ليس تعرف من في يدك ، إنما يضرك ولا يضره ... الحديث (١).
ومرة اُخرى عزم المتوكل على الاستخفاف بالإمام عليهالسلام أمام ندمائه عن طريق تقديم الشراب اليه واستنشاده الشعر ، فأرسل الأتراك على حين غرّة إلى دار الإمام ، وقد أمرهم بحمله عليهالسلام إليه حتى وإن لم يجدوا مايثير الريبة والاستغراب.
روى المسعودي وغيره بالاسناد عن محمد بن يزيد المبرد ، قال : « قد كان سعي بأبي الحسن علي بن محمد إلى المتوكل ، وقيل له : إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته ، فوجّه إليه ليلاً من الاتراك وغيرهم من هجم عليه في منزله على غفلة ممن في داره ، فوجده في بيت وحده مغلق عليه ، وعليه مدرعة من شعر ، ولابساط في البيت إلا الرمل والحصى ، وعلى رأسه ملحفة من الصوف متوجها إلى ربه ، يترنّم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ، فأخذ على ما هو عليه ، وحمل إلى المتوكل في جوف الليل ، فمثل بين يديه والمتوكل يشرب وفي يده كأس ، فلمّا رآه أعظمه وأجلسه إلى جنبه ، ولم يكن في منزله شيء ممّا قيل
__________________
(١) مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٤١٣ و ٤١٧.