هذه العظات التي نزلت كالصاعقة على أسماعه وأسماع ندمائه ، لأنها تصور ما سيؤول إليه أمره وأمر أمثاله من الطغاة عبيد الأهواء والشهوات.
قال الشاعر :
وكم أساء المتوكل الأدب |
|
أحضره عند الشراب والطرب |
وهو من السنة والكتاب |
|
منزلة اللب من اللباب |
أهذه القبائح الشنيعه |
|
بمحضر من صاحب الشريعه |
أيطلب الشرب من الامام |
|
وهو ولي عصمة الأحكام |
أيطلب الغناء بالأشعار |
|
من معدن الحكمة والأنوار (١) |
ولم يكن ذلك اول مواجهة بالشعر من قبل الامام عليهالسلام امام جبروت المتوكل ، فقد روى ابن شهرآشوب عن أبي محمد الفحام ، قال : « سأل المتوكل ابن الجهم : من أشعر الناس؟ فذكر شعراء الجاهلية والاسلام ، ثم إنه سأل أبا الحسن عليهالسلام ، فقال عليهالسلام : الحمّاني حيث يقول :
لقد فاخرتنا من قريش عصابة |
|
بمد خدود وامتداد أصابع |
فلما تنازعنا المقال قضى لنا |
|
عليهم بما نهوى نداء الصوامع |
ترانا سكوتاً والشهيد بفضلنا |
|
عليهم جهير الصوت في كل جامع |
فإن رسول الله أحمد جدنا |
|
ونحن بنوه كالنجوم الطوالع |
قال : وما نداء الصوامع ، يا أبا الحسن؟ قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل ثم قال : هو جدك لا ندفعك عنه » (٢).
__________________
(١) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني : ١٠٠.
(٢) المناقب ٤ : ٤٠٦.