يبدو من بعض الأخبار التي أرخت لسيرة الامام عليهالسلام أن المتوكل ذهب إلى أبعد مما ذكرنا حيث أراد الاعتداء على حياة الامام عليهالسلام في أكثر من محاولة ، ولكن باءت محاولاته بالخيبة وبقي الامام عليهالسلام محاطاً بعناية الله وحفظه.
ومن تلك المحاولات ما كان قبل مقتل المتوكل بيومين ، كما رواه ابن أرومة حيث قال : « خرجت إلى سر من رأى أيام المتوكل فدخلت إلى سعيد الحاجب ، ودفع المتوكل أبا الحسن عليهالسلام إليه ليقتله فقال لي : أتحب أن تنظر إلى إلهك! فقلت : سبحان الله ، إلهي لا تدركه الأبصار! فقال : الذي تزعمون أنه إمامكم؟ قلت : ما أكره ذلك. قال : قد أُمرت بقتله ، وأنا فاعله غداً ، فإذا خرج صاحب البريد فادخل عليه ، فخرج ودخلت وهو جالس وهناك قبر يحفر ، فسلمت عليه وبكيت بكاء شديداً ، فقال : ما يبكيك؟ قلت : ما أرى. قال : لا تبك إنه لا يتم لهم ذلك ، وإنه لا يلبث أكثر من يومين حتى يسفك الله دمه ودم صاحبه ، فوالله ما مضى غير يومين حتى قتل » (١).
ومنها ما روي عن الصقر بن أبي دلف ، قال « لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن عليهالسلام جئت أسأل عن خبره ، قال : فنظر إلي حاجب المتوكل ، فأمر أن أدخل عليه فقال : يا صقر ، ما شأنك؟ فقلت : خير أيها الاستاذ. فقال : اقعد. قال الصقر : فأخذني ما تقدم وما تأخر ، فقلت : أخطأت في المجيء. قال : فوحّى الناس (٢) عنه ، ثم قال : ما شأنك وفيم جئت؟ قلت : لخبر ما. فقال : لعلك جئت تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له : ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين. فقال : اسكت مولاك هو الحق فلا تحتشمني فإني على مذهبك. فقلت : الحمد لله.
__________________
(١) كشف الغمة ٣ : ١٨٤.
(٢) أي عجلوا الخروج.