فقال : تحب أن تراه؟ قلت : نعم. قال : اجلس حتى يخرج صاحب البريد. قال : فجلست فلما خرج قال لغلامه : خذ بيد الصقر فأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخلّ بينه وبينه. قال : فأدخلني إلى الحجرة ، وأومأ إلى بيت ، فدخلت فإذا هو عليهالسلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور. قال : فسلمت فرد علي السلام ثم أمرني بالجلوس فجلست ، ثم قال : يا صقر ، ما أتى بك؟ قلت : سيدي جئت أتعرف خبرك. قال : ثم نظرت إلى القبر فبكيت ، فنظر إلي فقال : يا صقر لا عليك ، لن يصلوا إلينا بسوء. فقلت : الحمد لله » (١).
ومنها ما رواه أبو العباس الفضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب ، وكان أبوه كاتباً للمعتز ، في حديث ذكر فيه أن المتوكل أمر الفتح بن خاقان أن يأتيه بأربعة من الخزر أجلاف لا يفقهون ويدفع إليهم أربعة أسياف ، وأمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبو الحسن عليهالسلام ، وأن يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه ويقتلوه ، وأرسل الى أبي الحسن عليهالسلام وهو يقول : والله لأحرقنه بعد القتل. ودخل أبو الحسن عليهالسلام غير مكترث ولا جازع ، فلما بصر به الخزر خروا سجداً مذعنين ، ورمى المتوكل بنفسه من السرير إليه ، وانكب عليه يقبّل بين عينيه ، وهو يقول : ما جاء بك يا سيدي في هذا الوقت؟ قال : جاءني رسولك. فقال المتوكل : كذب ابن الفاعلة ، ارجع يا سيدي من حيث جئت. فلما خرج أبو الحسن عليهالسلام دعا المتوكل الخزر ، ثم أمر الترجمان أن يخبره بما يقولون ، ثم قال لهم : لِمَ لا تفعلوا ما أمرتكم به؟ قالوا : لشدة هيبته ، ورأينا حوله أكثر من مائة سيف
__________________
(١) معاني الأخبار : ١٢٣ ، الخصال : ٣٩٤ / ١٠٢ ، إكمال الدين : ٣٨٢ / ٩ ، كفاية الأثر : ٢٨٥.