الظاهر : الثاني ؛ لصدق الإصرار على الصغائر بالمداومة على جنسها ، كالإصرار على قتل الحيوانات بالمداومة على الجنس ، ومن الإصرار على الجنس : الإكثار من الذنوب بحسب ارتكابه أغلب عن اجتنابه إذا عنّ له من غير توبة ؛ لصدق المداومة عرفاً.
ثم إنّ الشهيد قسّم الإصرار إلى فعلي وحكمي ، فالفعلي هو الدوام على نوع واحد بلا توبة ، أو الإكثار من جنس الصغائر كذلك ؛ والحكمي هو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها (١). وارتضاه جماعة من المتأخّرين (٢).
ولعلّ مستنده اللغة والعرف وحديث جابر ، فبالأولين يثبت الأولان ـ وهما الإصرار وبالثالث يثبت حكم الإصرار للثالث ، وفيه تأمّل.
فرع : كما يتحقّق الإصرار على الصغيرة بالإتيان بأفراد نوع واحد منها بقدر تصدق معه الملازمة عرفاً ، كذلك يتحقّق باستمرار فرد واحد من نوعٍ بقدر تصدق الملازمة. ولا يتوقّف على تكرّر الفعل ، فلو لبس ثوباً حريراً مدّة مديدة ، أو اقتنى آنية ذهب على القول بحرمة اقتنائها أيضاً أو تختّم بخاتم ذهب كذلك ، يخرج عن العدالة ؛ لصدق الإصرار على الصغيرة.
وعلى هذا يقدح في العدالة فعل صغيرة مع العزم بالمعاودة لو علم منه ذلك ، أو ترك التوبة مع التذكّر في مدّة مديدة ، لا لأجل كون ذلك إصراراً على الصغيرة المذكورة ، بل لأجل الإصرار على ترك التوبة ، وهو أيضاً من الصغائر ؛ لوجوب التوبة ، فإذا استمرّ تركها يكون مصرّاً على هذه
__________________
(١) القواعد والفوائد ١ : ٢٧٧.
(٢) كالسيوري في كنز العرفان ٢ : ٣٨٥ ، الشهيد الثاني في الروضة ٣ : ١٣٠.