والثاني مفهوماً ؛ إذ يدلّ على عدم قبول شهادة المسلم إن وجد اليهودي.
وإن جُعِلَ المرجعان : الغير ، حتى يكون المعنى : تجوز شهادة اليهودي ـ مثلا على النصراني إذا لم يوجد نصراني ، يصير مخالفاً للإجماع ؛ إذ لم يقل أحدٌ بذلك.
وظهر ممّا ذكرنا أنّه لم تخرج من الأصل إلا صورة واحدة ، وهي شهادة أهل كلّ ملّةٍ على أهل ملّته خاصّة.
وهل تقبل له؟
الظاهر : لا ؛ للأصل ، إلاّ إذا كانت عليه أيضاً فتسمع ؛ لأنّ قبول الشهادة عليه بالدليل ، وعدم قبولها له بالأصل ، والدليل مقدّمٌ على الأصل. ومنه يعلم قبول شهادة الكافر للمسلم وغيره على أهل ملّته أيضاً ؛ لما ذكر.
فروع :
أ : لا يختصّ قبول شهادة الكافر على أهل ملّته بالذمّي ، بل يعمّ جميع الكفّار ، كما هو ظاهر كلام الإسكافي والقاضي والسرائر والمسالك (١) وغيرها (٢) ، حيث عبّر بعضهم بأهل الملّة ، وبعضهم بالكافر ، وبعضهم بمن خالف الإسلام.
نعم ، عبّر بعضهم بأهل الذمّة ، وصرّح أيضاً في الإيضاح بالإجماع على عدم قبول شهادة الحربي مطلقاً (٣) ، ولكنّه إجماعٌ منقول ليس بحجّة.
__________________
(١) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧٢٢ ، القاضي في المهذّب ٢ : ٥٥٧ ، وانظر السرائر ٢ : ١٣٩ ، المسالك ٢ : ٤٠١.
(٢) كالنهاية : ٣٣٤.
(٣) الإيضاح ٤ : ٤١٨.