ومن ذلك يظهر ما في كلام بعض آخر كالمحقّق الأردبيلي (١) حيث نسب الخلاف إلى والد الصدوق ، فإنّه أيضاً لم يذكر إلاّ قبول شهادة الثاني بعد إنكار الأول.
وكيف كان ، فالمخالف شاذّ نادر ، يمكن دعوى الإجماع على خلافه ، ومع ذلك فالصحيحة تردّه.
ثم مقتضى الصحيحة اشتراط عدم إمكان حضور الأصل ، والأصحاب اكتفوا بالمشقّة التي لا تتحمّل غالباً كجماعة (٢) أو مطلق المشقّة ، كبعض آخر (٣).
ويمكن الاستدلال لجواز القبول مع المشقّة الشديدة التي تسمّى حرجاً بأنّه لا يجب على الأصل حينئذٍ أداؤها بنفسه ؛ لنفي الضرر والحرج ، فبقي إمّا إبطال حقّ المشهود له ، أو قبول شهادة الفرع ، والأول باطل إجماعاً ، فلم يبق إلاّ الثاني.
فرعان :
أ : هل يشترط في القبول تعذّر الأصل مطلقاً ، أو يكفي تعذّر الأصلين اللذين يشهد على شهادتهما؟
الظاهر : الثاني ؛ للأصل ، وعدم دلالة الصحيحة على الأزيد من تعذّرهما ، فلو تعذّر حضور عدلين أصلين ، ولكن كان للمشهود له عدلان أصلان آخران أيضاً ، فيجوز له إقامة الفرعين على الأصلين الأولين ، وتقبل
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ١٢ : ٤٨٦.
(٢) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤١٧ ، صاحب الرياض ٢ : ٤٥٦.
(٣) منهم الشيخ في النهاية : ٣٢٩ ، الخلاف ٢ : ٦٢٩ ، المبسوط ٨ : ٢٣٣ ، العلاّمة في التحرير ٢ : ٢١٥ ، القواعد ٢ : ٢٤٢.