البحث الأول
في بيان اشتراطها في الشاهد
وهو ممّا لا خلاف فيه بين الأصحاب كما في الكفاية (١) بل هو مجمعٌ عليه ، وصرّح بالإجماع أيضاً جماعة ، منهم : المحقّق الأردبيلي والشهيد الثاني وصاحب المفاتيح وشارحه (٢) ، بل ادّعى الأخيران وبعض مشايخنا المعاصرين الضرورة الدينيّة عليه (٣) ؛ ويدلّ على الإجماع تطابق كلمات القدماء والمتأخّرين على اعتبارها فيه من غير نقل خلاف.
وأمّا ما في كلام بعض القدماء من كفاية ظاهر الإسلام مع عدم ظهور الفسق (٤) فليس مراده نفي اشتراط العدالة ، ولا أنّه هو العدالة كما قد يتوهّم ، بل مراده أنّ الأصل فيه العدالة ، لا بمعنى أنّ العدالة أصلٌ بالنسبة إلى الفسق ، بل بمعنى أنّ القاعدة الثابتة من الشرع الحكم بثبوت العدالة فيه ، نظير الذبائح في سوق المسلمين والجلود في أيديهم ، فإنّ التذكية فيها وإن كانت شرطاً ضرورة ، وكانت على خلاف الأصل أيضاً ، إلاّ أنّ القاعدة الشرعيّة : الحكم فيما يؤخذ عن المسلم بالتذكية.
ويكشف عمّا ذكرنا من أنّ مرادهم ليس نفي اشتراط العدالة أنّ ممّن ينسب إليه كفاية ظاهر الإسلام : الإسكافي والمفيد والشيخ في الخلاف ، وصرّح كلٌّ منهم باشتراطها.
__________________
(١) الكفاية : ٢٧٩.
(٢) الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤٠١ ، المفاتيح ٣ : ٢٧٨.
(٣) كما في الرياض ٢ : ٤٢٧.
(٤) كما في الاستبصار ٣ : ١٤ ، والمبسوط ٨ : ١٠٤ ، وحكاه في المختلف : ٧٠٤ ٧٠٥.