( وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ ) ، اللام في ذلك للعهد الذكري ، فالمعنى : ولا يأب الرجلان والرجل والمرأتان من الإجابة ، فالنهي للرجلين أو الرجل والامرأتين المستشهد عنهما ، لا كل أحد ، فبعد إجابتهما لا أمر بالشهادة ولا نهي عن الإجابة ، كما هو شأن الواجب على الكفاية. والأصل عدم الوجوب على الغير.
ومنه يظهر عدم ثبوت غير الكفائي ممّا ذكرنا دليلاً أيضاً من الأمر بالإشهاد ، وأما سائر الأخبار فقد عرفت عدم ثبوت دلالتها على وجوب التحمّل.
ب : قيّد الشيخ في النهاية (١) وجماعة (٢) الوجوب بأنّه إنّما هو على من له أهليّة الشهادة ، وأطلق جمع آخر (٣).
والتقييد بالنسبة إلى من لا تتصوّر في حقّه الأهليّة ، كالولد على والده ، والمرأة في الطلاق ، ونحوه واضح.
وأمّا من تمكن في حقّه الأهليّة فالظاهر فيه أيضاً ذلك ؛ لأنّ الشاهد المأمور باستشهاده في الكتاب الكريم إنّما هو ممّن ترضون من الشهداء ، فالمنهيّ عن الإجابة أيضاً يكون هو ذلك ، كما يظهر وجهه ممّا مرّ.
ج : هل يجب في التحمّل حفظ المشهود به عن النسيان بكتابة ونحوها؟
الظاهر : لا ؛ للأصل ، وأصالة عدم النسيان ، واحتماله مع الكتابة
__________________
(١) النهاية : ٣٢٨.
(٢) منهم المحقّق في الشرائع ٤ : ١٣٧ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ٢٤٠ ، الشهيد الأول في اللمعة ( الروضة البهية ٣ ) : ١٣٧ ، الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٣٨٢.
(٣) منهم المحقّق في النافع : ٢٨٩ ، الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٤١٥ ، السبزواري في الكفاية : ٢٨٦.