وكذا يشترط أن يكون تركها واجتنابها من حيث إنّها معصية ، فلو تركها لا من هذه الجهة بل لعدم القدرة ، أو وجود المانع أو نحو ذلك لم تكن عدالة إجماعاً.
ولو لم يعلم أنّ الكفّ والترك هل هو من جهة أنّه معصية أو لغيرها ولم تكن قرينة ولو مفيدة للظنّ أيضاً ، فالظاهر عدم الحكم بالعدالة.
ب : اعلم أنّ المستفاد من تتبّع كلمات الأصحاب : أنّ مقابل العدالة وضدّها الفسق ، بل الظاهر أنّه إجماعي.
ومنه يظهر أيضاً أنّ ملكة العدالة التي يقولون بها هنا غير الملكة التي هي العدالة عند أهل الحكمة النظريّة وعلماء الأخلاق ، وهي أحد جنود العلم ؛ لأنّ ضدّها الجور ، كما صرّح به في رواية سماعة المتقدّمة (١).
والمراد به الميل إلى أحد طرفي الإفراط والتفريط ، ولذا يعدّ المُفرِط في بعض الصفات كالتواضع والتحمّل ونحوهما غير عادل بهذا المعنى ، ولا يعدّ فاسقاً شرعاً.
ثم الفسق الذي هو ضدّ العدالة الشرعيّة إمّا يكون هو ارتكاب بعض ما يكون اجتنابه والكفّ عنه عدالةً فعلاً ، أو يكون ملكة الارتكاب بالمعنى المذكور في العدالة الشرعيّة ، أي صفة نفسانيّة باعثة على الارتكاب.
وبعبارة اخرى : كون الشخص بحيث لم يستنكف نفسه عن ارتكاب المعاصي ، ولا متوطّناً نفسه عن الاجتناب وإن لم يرتكب بالاختيار بعد.
فإن كان المراد منه الأول كما هو ظاهر بعض كلماتهم ، سيّما في
__________________
(١) في ص ٨٦.