بالإجماع.
واحتمال كونه كذلك أو ظنّه لا يجعله كذلك في حقّ غير الظان ، سيّما مع انعقاد الإجماع على عدم كون ما ظنّ حكماً في حقّه. فتأمّل.
ولعمري أنّ هذا الخلاف والخلاف السابق عليه قليل الجدوى جدّاً ؛ لأنّه لا يقول أحدٌ بعدالة غير المؤمن أو الكافر ، الذي لم يعلم في حقّه بذل الجهد في تحقيق الدين ، بحيث لم يمكن له فوق ذلك.
وحصول العلم لنا في حقّ المخالف أو الكافر أنّه باذلٌ جهده وسعيه ، وحصل له العلم بحقّية دينه إمّا غير ممكن أو نادر جدّاً ، وأندر منه ما لو كان مع عدم التقصير جامعاً لغير ذلك من شرائط العدالة.
المسألة الثانية : إذا عرفت معنى العدالة ، وأنّها الستر والعفاف ، والكفّ عن المحارم ، والاجتناب عن الكبائر المنبعثة عن صفة راسخة نفسانيّة.
فلكونها أُموراً خفيّة تصعب معرفتها ؛ لعدم محصوريّة المحارم ؛ لكونها مبثوثة على القلب والجوارح من جهة الاعتقادات والأفعال ، ولها كبائر وصغائر ، والصغائر أيضاً تصير كبيرةً بالإصرار ، والعلم بالاجتناب عن الجميع في جميع الأحوال صعب مستصعب ، سيّما مع اشتراط كونها منبعثة عن صفة نفسانيّة.
فلذلك وقع الخلاف في طريق معرفتها بعد اتّفاقهم على حصولها بالمعاشرة الباطنيّة ، والصحبة المتأكّدة التامّة ، الموجبة للاختبار (١) ، المميّز بين الخلق والتخلّق ، والطبع والتكلّف ، وبالشياع الموجب للعلم ، وبشهادة
__________________
(١) في « ق » : للاجتناب.