وثالثها : مفهوم الشرط في قوله : « فمن لم تره بعينك » إلى آخره ، في رواية علقمة المتقدّمة.
ويمكن الجواب عن الأول : بأنّ ما يكفّ عنه غير مذكور ، وللكلام مقتضى ، والمقتضى غير معلوم ، وعمومه كما قيل ممنوع ، فلعلّه الكبائر ، بل هو القدر المتيقّن ، ويؤكد إرادتها تخصيص المجتنَب عنه بها ، ولو كان الأول عامّاً لما كان وجه لتخصيص الثاني ، سيّما إذا جعل قوله في الصحيحة : « ويعرف » بياناً للستر والكفّ ، كما مرّ ؛ مع أنّ منافاة فعل شيء يسير نادراً للكفّ غير معلوم ، فإنّ من يجتنب عن الأغذية المضرّة له دائماً يصدق عليه المحتمي ولو تناول شيئاً يسيراً منها نادراً ـ كتفّاحة مثلاً بعد الكفّ عن غيرها.
وعن الثاني : بمنع صدق الخروج عن طاعة الله عرفاً بفعل صغيرة نادراً بعد تركه جميع الكبائر والصغائر ، وهذا ظاهر جدّاً.
وعن الثالث : بأنّه لو سلّم كونه مفهوم شرط ، وكون : « مَن » فيه مفيدة للعموم ، يكون مفهومه : أنّ كلّ من تراه بعينك أنّه يرتكب ذنباً فهو ليس بأهل العدالة ، وهذا لا ينافي كون بعض المرتكبين من أهل العدالة ؛ لتحقّق المفهوم بانتفاء العدالة عن المرتكبين للكبائر.
ثم إنّ هذا إذا لم يكن مصرّاً على الصغائر لإيجابه الكبر ، ولا مكثراً فيها.
ثم لو كان مكثراً في فعل الصغائر بحيث يصدق الإكثار عرفاً ، أو يكون ارتكابه للذنب أغلب من اجتنابه عنه إذا عنّ له من غير توبة ، وقلنا بعدم دخوله في الإصرار فهل يقدح في العدالة ، أم لا؟