وعن الثاني : بأنّ حصول العلم وسهولة القبول ليس أمراً اختياريّاً تمنعه العدالة ، وبعد حصوله لم يكذب الشاهد في شهادته بالعلم ، أو لا حرج عليه ، سيّما إذا لم يسمع الاختلاف في وجوه الشهادات ، أو لم يسمع إلاّ اشتراط العلم فيها.
وثانيهما : أنّه قد عرفت وصرّح به جماعة (١) أنّ الشهادة هي الأخبار عمّا شاهده وعاينه ، ولم يعلم شمولها لغير ذلك ، فلا تدلّ عمومات قبول الشهادة إلاّ على وجوب قبول الخبر الكذائي في ترتيب الحكم عليها ، والأصل عدمه في غير ذلك.
وإلى هذا ينظر كلام الشهيد في الدروس كما تقدّم في المسألة الثانية ناقلاً عن بعض الأصحاب ، حيث قال بلابدّيّة الإتيان بلفظ الشهادة ، وعدم سماع قول الشاهد : إنّي أعلم أو أتيقّن أو أخبر عن علم أو حقّ (٢).
وذلك لأنّ هذه الأقوال لا تفيد الاستناد إلى الحسّ ، بخلاف قوله : أشهد ، فإنّ معناه الإخبار عن الحضور والمشاهدة.
ولكن هذا لا يفيد في الأكثر أيضاً ؛ لأنّ غالب الشهود في هذه الأزمنة لا يعرفون معنى الشهادة ، سيّما في البلاد العجميّة ، فلا يفرّقون بين الشاهد والمخبِر.
ولعلّ هذا وجه عدم اكتفاء الحلّي والمبسوط كما مرّ بالإتيان بلفظ الشهادة أيضاً.
فإن قيل : قد ذكرت أنّ الشهادة بالملك المطلق والاستصحاب أيضاً شهادة عن المحسوس ؛ حيث إنّ اليد الحاضرة والسابقة كانتا محسوستين ،
__________________
(١) كصاحب الرياض ٢ : ٤٤٦.
(٢) الدروس ٢ : ١٣٥.