وكيف كان فقد ظهر لك من ذلك كله أنه لا إشكال عندنا في صحة العتق من الراهن مع تعقب الإجازة من المرتهن وإن قال المصنف فيه تردد مما ذكرنا ومن أن العتق لا يقع معلقا لاعتبار نية القربة فيه ، أو لغير ذلك مما سمعت.
إلا أنه لا ريب في كون الوجه الجواز لما قد مر مفصلا خلافا لما عن المبسوط ، والمراسم والوسيلة ، والغنية ، بل والدروس : بناء على عدم الفرق بين ما صرح به من الفك وبين الإجازة ، خصوصا مع كون المنع من بعضهم ، بناء منه على عدم جواز الفضولي فيندر الخلاف حينئذ في خصوص المقام ، بل يمكن كون مراد الجميع مع عدم تعقب الإجازة فلا يكون خلاف حينئذ فيه أصلا ، وأما احتمال عدم الجواز فيه ـ وإن قلنا بالفضولي في غيره ، لعدم عموم في العتق يشمل مثل ذلك ، بخلاف غيره من العقود ـ فهو في غاية الضعف من وجوه ، خصوصا في دعوى عدم العموم ، فإن « من أعتق » (١) ونحوه كاف فيه ، بل لعل العكس أولى من ذلك ، فيقال بالصحة حينئذ هنا ، وان منعنا الفضولي في غيره ، لكون المعتق المالك ، وتعلق حق المرتهن مانع ، فمتى زال بإجازة أو فك عمل المقتضي عمله ، كما أوضحناه سابقا في الفك الذي لا ريب في أن الإجازة أولى منه بالصحة كما عرفت فلاحظ وتأمل.
وإليه يرجع ما في المسالك هنا حيث قال : « منشأ التردد في الصحة من كون العتق إيقاعا ، فلا يكون موقوفا لاعتبار التنجز فيه ، ومن أن المانع حق المرتهن ، وقد زال بإجازته ، وهو أقوى ، ونمنع منافاة التوقف المذكور للتنجز ، كغيره من العقود التي يشترط فيها ذلك أيضا ، فإن التوقف المذكور الممنوع هو توقف المقتضي على شرط ، لا على زوال مانع » وعلى هذا لو لم يبطله المرتهن إلى أن افتك الرهن لزم ، إذ مراده الشرط الذي يكون من العاقد لا الشرط الشرعي الذي منه عدم المانع ، ومنه الرضا المعلوم كونه شرطا في العقود والتقابض في عقد الصرف وغير ذلك والله أعلم ، هذا كله في الراهن.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١ ـ من أبواب العتق.