ومنها : التمسّك بقاعدة « لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ».
وفي الإجماع ما عرفت مرارا في هذا الكتاب أنّه ليس من الإجماع المصطلح الذي بنينا في الأصول على حجّيته ، لأنّه من المحتمل القريب اعتماد المجمعين ـ على فرض تسليم وجوده ـ على هذه الوجوه المذكورة ، وهو كما ترى.
وأمّا في التمسّك بقاعدة لا ضرر فلما بيّنّا في محلّه أنّ مفاد القاعدة هو رفع الحكم الضرري ، لا إثبات حكم يرتفع به الضرر.
ومنها : فحوى ما سنبيّنه في القاتل من حكمه عليهالسلام بحبس من أطلق القاتل العمدي عن يد أولياء المقتول حتّى يأتي بالقاتل. ولعلّ مراد من تمسّك بهذا الوجه هو أنّ المطلق في إطلاق القاتل لم يتلف مال أولياء المقتول ، وإنّما صار سببا لضياع حقّهم وعدم إمكان استيفائهم ، فإذا كان ذلك موجبا لجواز حبسه حتّى يأتي بالقاتل ، ففي مورد إتلاف مال الغير أولى.
هذا ، ولكن الإنصاف أنّه لا فحوى ولا أولويّة في البين ، من جهة أنّه لا شكّ في اهتمام الشارع بأمر الدماء أزيد من الأموال ، فيمكن أن يحكم بحبس الذي يطلق القاتل العمدي حتّى يأتي به ويقتصّ الولي منه كي لا يتجرّأ الأشقياء على قتل الناس برجاء أنّ أقرباءهم أو أصدقاءهم يخلصونهم عن أيدي الأولياء ، فلا يكون محذور لهم ولا لأقربائهم أو أصدقائهم.
وأمّا عدم إمكان استيفاء ماله وتأخيره ، فليس بهذه المثابة والأهمّية.
هذا ، مضافا إلى أنّ الأولويّة الظنيّة لا يخرج ما ذكر عن كونه قياسا. وأمّا ادّعاء القطع بأنّ مناط الحكم بالحبس هو تفويت الحقّ ، فأمر غير مبيّن ولا دليل عليه.
ومنها : أنّ إطلاق الغريم إتلاف لمال الغير عرفا ، ومن أتلف مال الغير فهو له ضامن. وتدارك هذه الخسارة التي أوردها على الدائن بأحد أمرين : إمّا إحضار الغريم ، وإمّا أداء ذلك المال الذي كان على عهدة الغريم. وقد ذكرنا عدّة فروع من هذا القبيل