فإنّه عليهالسلام حكم ببطلان الشفعة بعد مضيّ ثلاثة أيّام أخّرها للعذر ، فلو كان حقّ الشفعة لا على الفور لما كان يبطل بالتأخير أزيد من مقدار الفور عذرا.
وقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا : « الشفعة كحلّ العقال » (١). وإن صحّ الخبر دلّ على جواز التراخي بكناية لطيفة ، وهي أنّه كما أنّ حلّ العقال ملزوم وسبب عادي للحركة بعد ما لم يكن قادرا عليها ، كذلك الشفيع لو لم تكن الشفعة لم يكن قادرا في عالم التشريع على التصرّف في حصّة شريكه ، والشفعة صارت سببا لقدرته على ذلك فورا عرفيا ، فيستظهر منه عدم جواز تأخير إعمال هذا الحقّ ، بل يجب الأخذ به من غير تراخ زائدا على المتعارف في المشي إلى حاجاته المتعارفة.
نعم لا يجب عليه رفع اليد عن جميع حوائجه والاشتغال بأخذ المشاع من المشتري والتصرّف فيه ، كلّ ذلك لأجل حجّية ظواهر الكلام والفهم العرفي منه ، الذي هو المناط عند العقلاء في تشخيص مراد المتكلّم من كلامه.
فبعض التفاصيل في الكتب الفقهيّة المفصّلة من عدم لزوم الفوريّة الدقيّة لا يحتاج إليه ، بل يحال إلى العرف. كما أنّ الأمر كذلك في جميع موارد اعتبار الفوريّة ، مثلا إن قلنا بأنّ خيار الغبن فوريّ ، ففوريّة إعماله يكون بنظر العرف وما يفهمون منه ، لا بالدقّة العقليّة.
ثمَّ إنّه بناء على الفوريّة ، فهل يعتبر في صدق الأخذ حضور الشفيع عند المشتري ومواجهته وإخباره عن تملّكه ما اشتراه من شريكه ، بل ومضافا إلى هذا إعطاء الثمن له ، أم يكفي إنشاء التملك عند نفسه ، غاية الأمر للإثبات يشهد عدلين على أنّه تملّك ، وإلاّ لو صدّقه المشتري في أنّه تملّك عند نفسه لا يحتاج إلى أيّ شيء؟
__________________
(١) « سنن البيهقي » ج ٦ ، ص ١٠٨ ، كتاب الشفعة ، باب رواية ألفاظ منكرة. ، « سنن ابن ماجه » ج ٢ ، ص ٨٣٥ ، باب طلب الشفعة ، ح ٢٥٠٠ ، « كنز العمال » ج ٧ ، ص ٤ ، كتاب الشفعة ، ح ٦ ١٧٦٨.