ناحية الشرع وربما ادّعى الإجماع في مسألتنا على العدم.
وممّا ذكرنا ظهر لك أنّ كلام صاحب الجواهر قدسسره في هذا المقام بقوله : « لكن الإنصاف أنّه لو لا دعوى الإجماع على خلافه لكان لا يخلو من قوّة » (١) ليس كما ينبغي وخال عن القوّة ، إذ عمدة مستندة في قوة هذا القول ، أي الانتقال إلى الموصى له بمحض الموت من دون الاحتياج إلى القبول ظهور أدلّة الوصيّة في ملك الموصى به للموصى له بمجرّد موت الموصي من دون الاحتياج إلى قبول الموصى له. وقد عرفت أنّه ليس هناك دليل يكون ظاهرا في هذا المعنى ، وعلى تقدير إن كان لا بدّ من تأويله ، أو الالتزام بما لا يجوز الالتزام به.
وأمّا توهّم أن يكون القبول هاهنا مثل الإجازة في باب الفضولي بناء على الكشف الحقيقي ، حيث أنّ الإجازة المتأخّرة ولو كانت بعد سنة تكشف عن الملكيّة السابقة حين العقد ، فالقبول المتأخّر عن الموت ولو كان بعد سنة يكشف عن الملكيّة السابقة أي بعد الموت بلا فصل.
ففيه : أوّلا : أنّ ما ذكر في باب الإجازة من الكشف الحقيقي هو باطل ومحال ، وقد حقّقنا المسألة في محلّها.
وثانيا : فرق واضح بين ما نحن فيه وما ذكروا هناك ، ففي هذا المقام بعد الفراغ عن لزوم القبول في عقد الوصيّة ، وأنّه بدونه غير تامّ ، وأنّه من أركان العقد مثل الإيجاب فلا يحصل الأثر قبل تماميّة الأثر ، وقع الكلام في أنّه هل تحصل ملكيّة الموصى به للموصى له بصرف الموت ، أو لا تحصل بمحض الموت منفردا بل لا بدّ من صدور القبول من الموصى له؟ وإلاّ لو قلنا بأنّ عقد الوصيّة يتمّ بصرف الإيجاب ولا يحتاج إلى القبول ، أو قلنا إنّها من الإيقاعات وليست من العقود ، فلا يبقى نزاع في البين بل تحصل بمجرّد الموت.
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٢٨ ، ص ٢٥٠.