وأمّا في مسألة الفضولي ، فالكلام في أنّه بعد وجود العقد بجميع أركانه من الإيجاب والقبول وكونه واجدا لجميع شرائط العقد ، غاية الأمر إنّ هذا العقد صادر عن غير من هو أهل لذلك ، أي لا مالك ولا وكيل من قبله ولا ولي عليه ، فلا يشمل المالك خطاب ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) من جهة عدم انتساب العقد إليه وعدم اتصافه به ، فإذا أجاز يحصل هذا الانتساب والالتصاق ، فيتوهّم المتوهّم أنّ العقد الواقع سابقا الذي كان سببا تامّا للنقل والانتقال ولم يكن فيه نقص إلاّ الانتساب ، فإذا حصل الانتساب بواسطة الإجازة المتأخّرة يؤثّر العقد من زمان وجوده.
وهذا الكلام وإن كان باطلا ولكن في بادئ النظر يمكن أن ينخدع السامع أو الناظر ويقول بإمكانه بخلاف المقام ، فإنّ كلام من يقول بحصول الملكيّة بمجرّد الموت صريح في جواز وجود المسبّب قبل وجود السبب بتمام أجزاءه ، وهذا ممّا ينكره العقل السليم ، فالقياس ليس في محلّه وإن كان المدّعى في المقيس عليه أيضا باطل.
وخلاصة الكلام : أنّه بناء على تركّب عقد الوصيّة من الإيجاب والقبول لا يبقى مجال للقول بحصول الملكيّة بمحض موت الموصي قبل أن يقبل الموصى له.
ثمَّ إنّه بناء على ما ذكرنا من عدم انتقال الموصى به إلى الموصى له قبل الفوت بصرف موت الموصي ، فيأتي سؤال وهو أنّ ما أوصى به لمن يكون في الزمان الفاصل بين الموت والقبول؟ وأنّه هل يبقى بلا مالك أم يبقى في حكم مال الميّت هو ومنافعه؟ أم ينتقل إلى الوارث موقّتا متزلزلا ومراعى إلى أن يقبل أو يردّ ، فإن قبل ينتقل إليه ، وإن ردّ يستقرّ الملك للورثة ويخرج عن كونه وصيّة؟
ولكلّ واحد من هذه الاحتمالات الثلاث وجه.
أمّا وجه الأوّل : فلعدم صحّة الاحتمالات الآخر ، فلا يبقى إلاّ احتمال الأوّل. أمّا عدم صحّة بقائه في حكم مال الميّت لأجل عدم قابليّة الميّت لأن يكون مالكا. وأمّا