وصيّة الصبي إذا بلغ عشرا في وجوه البرّ والمعروف إذا كان عاقلا وبصيرا ، وهذا المعنى بعد طرح رواية حسن بن راشد ، لإعراض الأصحاب بل المسلمين عنها ، مضافا إلى ضعف سندها ومخالفتها للأخبار الصحيحة الصريحة ، وبعد طرح رواية أبي بصير التي تقدّمت وكان مفادها جواز وصيّة ابن سبع سنين إذا كان أوصى بالمال اليسير في حقّ ، لشذوذها ومخالفتها للإجماع.
وقال في المسالك : وابن إدريس رحمهالله سدّ الباب واشتراط في جواز الوصيّة البلوغ كغيرها (١) ، ونسبه الشهيد في الدروس إلى التفرّد بذلك ، ثمَّ قال : ولا ريب أنّ قوله هو الأنسب ، لأنّ هذه الروايات التي دلّت على الحكم وإن كان بعضها صحيحة إلاّ أنّها مختلفة بحيث لا يمكن الجمع بينها ، فإثبات الحكم المخالف للأصل بها مشكل (٢).
ولكن الإنصاف أنّ إنكار مثل هذا الحكم الذي هو مشهور بين الأصحاب ـ بل في الغنية (٣) دعوى الإجماع عليه مع وجود هذه الروايات الكثيرة الصحيحة الصريحة ـ وعدم الاعتناء بهذه الأخبار والأقوال أشكل.
مضافا إلى ما تقدّم منّا من إمكان الجمع العرفي بسهولة.
وقال في جامع المقاصد بعد إقراره بأنّ الروايات الدالّة على جواز وصيّة الصبي إذا بلغ عشرا كثيرة : والمناسب لأصول المذهب وطريقة الاحتياط القول بعدم الجواز (٤).
ويردّه ما تقدّم ذكره ، والله العالم.
__________________
(١) « المسالك » ج ١ ، ص ٣٩٢. وهو في « السرائر » ج ٣ ، ص ٢٠٦.
(٢) « الدروس » ج ٢ ، ص ٢٩٨.
(٣) « الغنية » ضمن « الجوامع الفقهية » ص ٦٠٤.
(٤) « جوامع المقاصد » ج ١٠ ، ص ٣٤.