الشخص يسمّى بالوصي ، وهو من المفاهيم الواضحة عند العرف ، فلا يحتاج إلى شرح وإيضاح.
وإنّما الكلام في الشروط والأوصاف التي يلزم أن يكون متّصفا بها كي يصلح لجعله وصيّا ، ويترتّب الصحّة على التصرّفات التي تصدر منه.
فمنها : العقل والبلوغ ، واعتبار هذين معلوم ، لأنّ المالك الأصيل محجور عن التصرّفات في أمواله مع فقدهما أو أحدهما ، فكيف يمكن إعطاء مثل هذه الولاية لفاقدهما أو فاقد أحدهما.
ومنها : الإسلام. واشتراط صحّة الوصاية بكون الوصي مسلما إجماعي لا خلاف فيه. وقد يستدلّ بأدلّة أخرى ولكن لا تخلو من مناقشة ، من قبيل الإسلام يعلو ولا يعلى عليه ، ووصاية الكافر على أموال المسلم ـ وخصوصا على أولاده القصر وأحفاده كذلك المسلمين ـ علوّ عليهم ، وأيّ علوّ أعلى من كونه وليّا عليهم وقوله تعالى ( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (١) إلى آخر والكافر ظالم لنفسه ولغيره. وعلى كلّ حال لا شكّ في أنّ المراد من قوله تعالى ( الَّذِينَ ظَلَمُوا ) في هذه الآية هم الكفّار ، والركون هو الميل اليسير وهو مقابل النفوذ ، ولا شك في أنّ جعله وليّا على أمواله وأولاده ركون إليه وأيّ ركون.
نعم يبقى كلام في هذا المقام وفي مقامات أخر ، وهو أنّه هل النهي يدلّ على الفساد ، أم لا ، لأنّه ليس بعبادة كي يكون محتاجا إلى قصد القربة ، ولا يمكن قصدها مع كونه منهيّا عنه. وقد حقّقنا في الأصول في كتابنا « منتهى الأصول » (٢) أنّ النهي في أبواب المعاملات إذا تعلّق بالمعنى الاسم المصدري من تلك المعاملة فيدلّ على الفساد ، وها هنا كذلك ، لأنّ ما هو المبغوض عند الشارع وغير راض به هو ولاية الكافر على
__________________
(١) هود (١١) : ١١٣.
(٢) « منتهى الأصول » ج ١ ، ص ٤٢٠.