أموال المسلمين وأنفسهم ، لا جهة إصدار هذا الجعل فقط. وهذا واضح جدا.
ثمَّ إنّ هذه الأدلّة على تقدير دلالتها على اعتبار الإسلام في الوصي ، هو فيما إذا كان الموصي مسلما. وأمّا إذا كان كافرا وأوصى إلى واحد من أهل ملّته فلا إجماع في البين.
ومنها : العدالة ، وفي اعتبارها خلاف. قال في الشرائع : وهل يعتبر العدالة؟ قيل : نعم ، لانّ الفاسق لا أمانة له. وقيل : لا ، لأنّ المسلم محلّ للأمانة. (١)
وكلا القولين المستندين إلى هذين الدليلين غير خال عن الخلل.
أمّا الأوّل : فمن جهة أنّه ربما يحصل الوثوق والاطمئنان من الفاسق أزيد من غيره ، خصوصا إذا كان من أقربائه الأقربين ، كابنه الذي هو أخ لأولاده ، وأحفاده القصر خصوصا إذا كان شقيقا لهم ، فلا شكّ في أنّه أعطف وأرأف إلى إخوته ـ وإن كان فاسقا ـ من الأجانب وإن كانوا عدولا.
وأمّا الثاني : فلأنّ المسلمين مختلفون من حيث الأمانة ، لأنّه بين المسلم والأمين عموم وخصوص من وجه ، فربّ شخص يكون أمينا وليس بمسلم ، وكذلك العكس.
وما ورد في أمانة المسلم أو في خيانة الكافر غالبي ليس بطور الكلّيّة ، هذا أوّلا.
وثانيا : اعتبار الوثوق أو الاطمئنان والأمانة فيما إذا كان أوصى إليه في أداء حقوق الواجبة ، كما إذا أوصى إلى شخص أن يحجّ عنه حجّة الإسلام أو حجّ واجب من جهة أخرى ، أو يقضي ما فات من فرائضه التي هو مأمور بقضائها ، أو جعله وصيّا وقيّما على أولاده وأحفاده القصر كي يدبّر في إدارة أموالهم أو سائر شؤونهم.
وإلاّ لو جعله وصيّا في صرف ثلثه في الخيرات والمبرات ، فلا دليل على لزوم وثوقه بالوصي فضلا عن لزوم كونه عادلا.
__________________
(١) « شرائع الإسلام » ج ٢ ، ص ٢٥٥.