وذلك من جهة أنّ اعتبار الوثوق أو الأمانة من جهة عدم تلف أمواله ، وأن يصرف في ما يريد أو في ما له الأجر والثواب ، لا أن لا يصرف في الخيرات بل لعلّه في بعض الأحيان يصرف في المحرّمات والجرائم الكبيرة ، بل وحتّى في مورد يحتمل أن يصرف الوصي بعض ماله في المحرّمات لا مانع من جعله وصيّا ، لأنّه مسلّط على ثلث ماله ، يفعل به كيف ما يشاء.
إلاّ أن يكون المنع من باب أن لا يكون إعانة على الإثم. ولكن هذا الاحتمال أيضا لا أثر له ، لأنّ الإعانة على الإثم لا تتحقق بدون قصد ترتّب الإثم على فعله ، والمفروض في المقام أنّ قصد الموصي ها هنا هو أن يصرف الوصي في الخيرات والمبرّات ، لا في المحرّمات.
وأمّا ما يقال من أنّ المال يخرج عن ملكه بعد الموت ، فيكون من قبيل تعيين الولي في أن يتصرّف في مال الغير ، فلا بدّ أن يكون موثوقا وأمينا كي لا يتلف عن طرف جعله ونصبه ذلك الشخص أموال القصر ، أو فيما أوصى للجهات العامّة حقوق الجميع.
مثلا إذا أوصى للمصرف في قنطرة فلان ، فبتلف ذلك المال الذي عيّنه لعمارة القنطرة يضيع حقوق جميع العابرين. وهكذا الأمر فيما أوصى لجميع الخيرات والجهات العامّة.
وأمّا جعل الوصي في تقسيم وتدبير ما أوصى بالوصيّة التمليكيّة للعناوين العامّة ، فلو خان الوصي يكون تلفا في ملكهم ، لأنّه بعد الموت يصير الموصى به ملكهم ، فإتلاف الوصي يقع في ملكهم لا في ملك الموصي ، لأنّ الموصى به خرج بالموت عن ملك الموصي ، فإتلاف الوصي وخيانته لا محالة تقع إمّا في ملك الموصى لهم أو في حقوقهم ، وليس له السلطنة على هذا الإتلاف ، فلا بدّ وأن يكون الوصي عادلا كي يأتمنه على مال الغير أو على حقّه ، ولا يؤتمن الفاسق ، كما ورد في بعض الروايات ،