وَهُمْ مُهْتَدُونَ ). وكقوله تعالى : ( وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ ) وهذا أحسن من قولهم القتل أنفى للقتل لوجوه سبعة.
الأول : أن قولهم القتل أنفى للقتل في ظاهره متناقض ، لأنه جعل حقيقة الشيء منافية لنفسه ، وإن قيل أن المراد منه ان كل واحد من أفراد هذا النوع ينفي غيره ، فهو أيضا ليس أنفى للقتل قصاصه ، بل أدعى له ، وإنما يصح إذا خصص فقيل القتل قصاصا أنفى للقتل ، فيصير كلاما طويلا مع أن التقييدات بأسرها حاصلة في الآية.
الثاني : أن القتل قصاصا لا ينفي القتل ظلما من حيث أنه قتل ، بل من حيث أنه قصاص وهذه الجملة غير معتبرة في كلامهم.
الثالث : أن حصول الحياة هو المقصود الأصلي ونفي القتل انما يراد لحصول الحياة والتنصيص على الغرض الاصلي أولى من التنصيص على غيره.
الرابع : إن التكرار عيب وهو موجود في كلامهم دون الآية.
الخامس : أن حروف ـ في القصاص حياة ـ اثنا عشر وحروف ـ القتل أنفى للقتل ـ أربعة عشر.
السادس : أنه ليس في كلامهم كلمة يجمع فيها حرفان متلاصقان متحركان إلا في موضع واحد ، بل ليس فيها الأسباب حقيقة متوالية ، وقد عرف أن ذلك مما ينقص من سلاسة الكلام بخلاف الآية.
السابع : أن الدافع لصدور القتل عن الانسان كراهته لذلك ، وصارفه القوى عنه حتى انه ربما يعلم أنه لو قتل قتل ثم لا يرتدع ، وإنما رادعه القوى هو إما الطمع في الثواب ، أو الذكر الجميل ، وإذا كان كذلك فليس أنفى الأسباب للقتل هو القتل بل الأنفى لذلك هو العارف القوي. وقوله تعالى ـ في القصاص حياة ـ لم يجعل القصاص مقتضيا الحياة على الاطلاق ، بل الحياة