قال المصنف عفا الله عنه : هذه الأجوبة المحذوفة بعضها يصلح أن يكون في باب حذف الجمل ، وبعضها يصلح أن يكون في باب الأفعال ، لكن الأئمة أوردوها هكذا فأوردناها كما أوردوها ، والمتأمل اللوذعي لا يخفى عليه ذلك .. الثاني عشر : حذف المبتدأ تارة والخبر أخرى .. أما حذف المبتدأ فكقول المستهل ـ الهلال والله ـ معناه هذا الهلال ـ عبد الله ورب الكعبة ـ أي هذا عبد الله. وحذف المبتدأ في القرآن العظيم كثير. منه قوله تعالى : ( فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ ) تقديره فقالوا ـ هذا ساحر كذاب ـ ومنه : ( إِلاَّ قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ. وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) .. وأما حذف الخبر فكقول بعضهم : خرجت فاذا السبع ـ تقديره قائم أو رابض. وهو في القرآن كثير. من ذلك قوله تعالى : ( وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ. وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ ) تقديره والمحصنات من المؤمنات كذلك وقول الله تعالى : ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ) شاهد للوجهين يجوز أن يكون من باب حذف الخبر ، ومن باب حذف المبتدأ فإن جعلته من حذف المبتدأ كان التقدير فالأمر ، أو فأمري صبر جميل ، وإن جعلته من باب حذف الخبر ، يكون التقدير فصبر جميل أجمل .. وقد يحذفان جملة وهو قليل. ومنه قوله تعالى : ( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ ) تقديره واللائي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر.
وأما الافعال : فحذفها على قسمين. الأول : ما دل على حذفه بيان مفعوله ، كما في قوله تعالى : ( ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها ) وكقول النبي صلّى الله عليه وسلّم لجابر وقد تزوّج ـ « هلاّ بكرا تلاعبها وتلاعبك » أي هلا تزوجت جارية بكرا. وكذلك قولهم ـ أهلك والليل ـ أي أدرك أهلك وبادر الليل. ومنه في القرآن كثير. الثاني : ما لا يدل عليه مفعوله ، ولكن يعرف بالنظر كقوله تعالى : ( وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونا ).