وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ ) معناه فقيل فقد جئتمونا. وكذلك : ( وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ ) وكذلك : ( فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ) والمراد فأجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم. وكذلك قوله تعالى : ( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ ) أي فاضربوا رقابهم ضربا. وكذلك قوله تعالى : ( وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ ) تقديره فأتوه به ـ فلما كلمه ـ
وأما : حذف فعل الأمر : فله مثال واحد كقوله تعالى : ( إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ ). وقوله تعالى : ( أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً ) تقديره قل ـ أفغير الله أبتغي حكما ـ وأما الحروف : أعني حذف الحروف التي لها معان ، وليست حروف الهجاء التي تكلم النحويون على اثباتها وحذفها وابدالها لأنهم أرادوا بذلك تصحيح الألفاظ وردّها إلى أصولها ، وليس هذا من غرضنا في هذا الكتاب ، إنما غرضنا الحروف التي يفيد حذفها واثباتها معنى لم يكن .. وهي عند علماء البيان على قسمين. مفردة ومركبة.
فالمفردة : مثل ـ الواو ـ التي حذفها مع ما فيه من الايجاز يجعل للكلام بلاغة ، ويكون في معناه أشد ، وذلك لأن إثباتها يقتضي تغاير المعطوف والمعطوف عليه ، فإذا حذفت أشعر ذلك بأن الكل كالشيء الواحد. ومن ذلك قول أنس بن مالك رضياللهعنه ـ كان أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم ينامون ثم يصلون لا يتوضئون ـ اثبات الواو أدل على عدم الوضوء من قوله ـ لا يتوضئون ـ. ومن هذا النوع قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ ) تقديره ولا يألونكم خبالا وقد بدت البغضاء .. وقد ثبت الواو فيما من شأنه أن لا يكون فيه واو