المضارع كقوله تعالى : ( قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ ). وكذلك قوله تعالى : ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) .. الثالث : الالتفات من الماضي إلى المستقبل وبالعكس : كقوله تعالى : ( فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ ). وقوله تعالى : ( وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ ). وقوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ ). وقوله تعالى : ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ). وقوله تعالى : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ ). وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) ولا يخلو هذا عن حكمة كما في هذه الآية فإن الكفر لما كان من شأنه إذا حصل أن يستمر حكمه عبّر عنه بالماضي ليفيد ذلك مع كونه باقيا أنه قد مضى عليه زمان ، ولا كذلك الصد عن سبيل الله ، فإن حكمه إنما يثبت حال حصوله نعني بذلك فهو في كل وقت كافر ما لم يأت بالايمان ، ولا كذلك الصد عن سبيل الله ، ومع ذلك فإن الفعل المستقبل فيه إشعار بالكثير فيكون قوله ـ ويصدون عن سبيل الله ـ مشعرا بأنهم في كل وقت كذلك. ولا كذلك لو قال وصدوا لأن ذلك يكون مشعرا بأن صدهم قد انقطع.
وذهب قوم إلى أن الالتفات إذا انقطع الكلام يعقبه بجملة ملاقية اياه في المعنى ليكون تتميما له على جهة المثل والدعاء أو غيرهما كقوله تعالى : ( وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً ) ومن هذا النوع قول جرير :
مجازيع عند البأس والحرّ يصبر