التي بعدها : ( وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَ ) فكرر ـ بلغن ـ لاختلاف البلوغين .. وأما قوله تعالى : ( وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) ثم قال : ( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً ) فقد قيل إنه من باب تكرير اللفظ والمعنى ، وقيل هو من باب تكرير اللفظ لا المعنى لاختلاف الهبوطين ، فإن الهبوط الأول كان من الجنة الى سماء الدنيا ، والهبوط الثاني كان من سماء الدنيا إلى الأرض ، وفي القرآن العظيم من هذين القسمين كثير .. وأما تكرار المعنى دون اللفظ فهو إما أن يكون بين المعنيين مخالفة ما أو لا يكون كذلك. والذي يكون بينهما مخالفة ، إما أن يكون أحدهما أعمّ أو لا يكون كذلك. فأما ما يكون أحدهما أعمّ فكقوله تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) فإن الدعوى إلى الخير أعم من الأمر بالمعروف وكذلك قوله تعالى : ( فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ). وكذلك قوله تعالى : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) ومثاله في الشعر كثير. قال الشاعر :
إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم |
|
وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا |
وإن ضيّعوا عهدي حفظت عهودهم |
|
وإن هم هووا عني هويت لهم رشدا |
والغرض بهذا زيادة تأكيد الخاص .. وأما الذي لا يكون أحد المعنيين أعم فكقول حاطب بن أبي بلتعة ـ : والله يا رسول الله ما فعلت ذلك كفرا ، ولا ارتدادا عن دين ولا رضى بالكفر بعد الاسلام .. وأما الذي لا يكون بين المعنيين مخالفة فكقوله تعالى : ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ). وكذلك قوله تعالى : ( فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ) .. وكذلك قول الشاعر :
نزلت على آل المهلّب شاتيا |
|
بعيدا عن الأوطان في زمن المحل |