فما زال بي إكرامهم وافتقادهم |
|
وإحسانهم حتى حسبتهم أهلي |
هذا ما يكون من التكرار لفائدة .. وقال ابن الاثير في جامعه التكرار في هذا المعنى على قسمين : مفيد. وغير مفيد. فالمفيد نوعان : الأول إذا كان التكرار في المعنى يدل على معنيين مختلفين كدلالته على الجنس والعدد ، وهو من باب التكرير مشكل لأنه يسبق الى الوهم أنه تكرير محض يدل على معنى واحد فقط وليس كذلك .. فمما جاء منه قوله تعالى : ( وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ ).
ألا ترى أن العرب انما جمعت بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد والاثنين فقالوا : عندي رجال ثلاثة وأفراس أربعة ، لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد المخصوص. فأما رجل ورجلان وفرس وفرسان فمعدودات ، فالفائدة اذا في قوله ـ إلهين اثنين. وإله واحد ـ هو أن الاسم الحامل لمعنى الافراد والتثنية يدل على الجنسية ، والعدد المخصوص ، فإذا أريدت الدلالة على أن المعنى به واحد منهما ، وكان الذي يساق إليه الحديث هو العدد شفع بما يؤكده ، فدل به على أن القصد إليه والعناية به ، ألا ترى أنك لو قلت ـ انما هو إله ـ ولم تؤكده بواحد لم يحسن ، وخيّل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية ، وهذا باب من باب تكرير المعاني وعر المسلك دقيق المغزى ، وبه تحلّ مسائل مشكلات من التكرير فاعرفه .. ومن هذا النحو إذا كان التكرير في المعنى يدل على معنيين أحدهما خاص والآخر عام ، كقوله تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ) الآية فإن الأمر بالمعروف داخل تحت الدعاء إلى الخير لأن الأمر بالمعروف خاص والخير عام ، فكل أمر بالمعروف خير ، وليس كل خير أمرا بالمعروف ، لأن الخير أنواع كثيرة من جملتها الأمر بالمعروف.