ففائدة التكرير هاهنا أنه ذكر الخاص هاهنا ذكر العام للتنبيه عليه لفضله كقوله تعالى : ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) الآية. وأمثال ذلك كثيرة فاعرفها ..
والنوع الثاني من الضرب الأول من القسم الثاني إذا كان التكرير في المعنى يدل على معنى واحد ، وقد سبق مثاله في أول هذا الباب كقولك أطعني ، ولا تعصني ، لأن الأمر بالطاعة نهي عن المعصية. والفائدة في ذلك تثبيت الطاعة في نفس المخاطب ، وتقرير لها في قلبه. والكلام في هذا الموضع من التكرير كالكلام في الموضع الذي قبله من تكرير اللفظ والمعنى إذا كان المراد به غرضا واحدا فاعرفه .. الضرب الثاني من القسم الثاني في تكرير المعنى دون اللفظ وهو غير المفيد. فمن ذلك قول ابن هانئ المغربي :
سارت به صنع القصائد شرّدا |
|
فكأنما كانت صبا وقبولا |
فكأنه قد قال ـ فكأنما كانت صبا صبا ـ لأن الصبا هي القبول. وليس ذلك مثل التكرير في قوله تعالى ـ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ـ فيما يرجع إلى تكرير اللفظ والمعنى ولا مثل التكرير في قوله تعالى ـ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ـ فيما يرجع إلى تكرير المعنى دون اللفظ لأن كل واحدة من هاتين الآيتين يشتمل على معنيين خاص وعام. وقول ابن هانئ ـ صبا وقبولا ـ لا يعطي إلا معنى واحدا لا غير وهذا لا يخفى على العارف بصناعة التأليف .. ومن هذا النحو قول الصابئ في كتاب ـ وصل كتابك بعد تأخير وابطاء وانتظار له واستبطاء ـ فإن التأخير والاستبطاء بمعنى واحد ، وقد يكون لهذا وجه في التجوز وهو التقرير في نفس المخاطب لبعد الأمد وتطاول المدة في انقطاع كتابه عنه وذلك مما لا بأس به في هذا الموضع. وأمثال هذا كثير فاعرفه ..