وأما الرابع : فالذي يتهيأ التكرار أسماء. وافعال. وحروف. ومعان. وقد تقدم الكلام على الأسماء والأفعال والمعاني .. وأما الحروف فهي على قسمين : حسنة. وقبيحة .. فأما الحسنة فهي كما التزمه الحريري في رسالته السينية والشينية كرر السين في كل كلمة في السينية ، والشين في الشينية. وكما التزمه الحصري في أول معشّراته من حروف المعجم. وكما التزمه الفازازي في عشرينياته. وانما حسن هذا النوع لأن فيه دليلا على قوة الملكة في الكلام والقدرة على التلعب بحروفه في النثر والنظام وهو من باب لزوم ما لا يلزم وسيأتي بيانه .. وأما القبيحة فكتكرار حروف تكسب الكلام عجرفة وتكسوه قلقا حتى يصعب النطق به ويذهب رونق الكلام بسببه كقول الشاعر :
وقبر حرب بمكان قفر |
|
وليس قرب قبر حرب قبر |
وأما الخامس : في الحسن منه والقبيح .. فأما الحسن منه فقد تقدم .. وأما القبيح فهو التكرار العاري عن الفائدة ، وهو لا يخلو إما أن يكون في المعنى وحده أو في المعنى واللفظ معا. أما الأول فقد أعابه بعضهم مطلقا وبعضهم فصّل فأعابه على التأثر وعلى الناظم إذا فعله في صدر البيت ، وأما اذا فعله في عجزه فليس ذلك بعيب إذ قد يضطر لأجل القافية والوزن كقول المتنبي :
بحر تعوّد أن يذمّ لأهله |
|
من دهره وطوارق الحدثان |
والدهر وطوارق الحدثان بمعنى واحد .. وكذلك قيل من قال :
إني وإن كان ابن عمّي عائبا |
|
لمصادق من خلفه وورائه |
ـ وأما الثاني فقد اتفق على قبحه وهو كقول مروان :
سقا الله نجدا والسلام على نجد |
|
ويا حبذا نجد على النأي والبعد |