وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ) فاعرف ذلك.
الثاني : الارداف وهو اسم سماه قدامة بن جعفر الكاتب قال : اعلم أن أكثر علماء هذه الصناعة قد أدخلوا الأرداف في التمثيل ، وفي الفرق بينهما اشكال ودقة فأما التمثيل فقد سبق الاعلام به ، وهو أن يراد الإشارة إلى معنى فتوضع الالفاظ على معنى آخر فتكون تلك الالفاظ ، وذلك المعنى مثالا للمعنى الذي قصدت الإشارة اليه ، والعبارة عنه كقولنا ـ فلان نقي الثوب ـ أي منزه عن العيوب. وأما الأرداف فهو أن يراد الاشارة إلى معنى فيترك اللفظ الدال عليه ، ويؤتى بما هو دليل عليه ورادف له كقولنا ـ فلان طويل النجاد ـ والمراد طويل القامة إلاّ أنه لم يتلفظه بطول القامة الذي هو الغرض ، ولكن ذكر ما هو دليل على طول القامة ، وليس نقاء الثوب بدليل على النزاهة عن العيوب وإنما هو تمثيل لها فاعرف ذلك.
واعلم أن الأرداف يتفرع إلى خمسة فروع .. الأول : فعل البداهة كقوله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ ) أي انه سفيه الرأي بمعنى أنه لم يتوقف في كلامه وقت ما سمعه ، ولم يفعل كما تفعل المراجيح العقول المتثبتون في الاشياء ، فإن من سفاهتهم إذا ورد عليهم أمر أو سمعوا خبرا أن لا يستعملوا فيه الروية وتأنوا في تدبره إلى أن يصح لهم صدقه أو كذبه. ألا ترى أن معنى قوله ـ كذّب بالحق لما جاءه ـ أي انه ضعيف العقل عازب الرأي فعدل عن ذلك الى ما هو دليل عليه ورادف له وذلك آكد وأبلغ.
ومن ذلك قوله تعالى : ( وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ ) ومثله في القرآن كثير.
الثاني : من الأرداف باب المثل وهو ان العرب تأتي بمثل في هذا توكيدا للكلام وتشييدا من أمره يقول الرجل إذا نفى عن نفسه القبح ـ