لهم طعام أصلا لأن الضريع ليس بطعام للبهائم فضلا عن الانس ، وهذا مثل قولك ـ ليس لفلان ظل الاّ الشمس ـ تريد بذلك نفي الظل عنه على التوكيد ، وذلك رادف لانتفاء الظل عنه كما ذكر الضريع رادف لانتفاء الطعام .. وعلى نحو من هذا جاء قول بعضهم :
وتفرّدوا بالمكرمات فلم يكن |
|
لسواهم منها سوى الحرمان |
فالمراد نفي المكرمات عن سواهم لأنهم إذا كان لهم الحرمان من المكرمات ، فما لهم منها شيء ..
الخامس : من الارداف وليس مما تقدم بشيء ، وذلك نحو قوله تعالى : ( عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ ) والمراد به اذا خوطب بمثل هذا غير النبي صلّى الله عليه وسلّم أنك أخطأت وبئس ما فعلت فقوله ـ لم أذنت لهم ـ بيان لما كنى عنه بالعفو أي مالك أذنت لهم وهلا استأنيت فذكر العفو دليل ، ورادف له وان لم يذكر. وكذلك قوله تعالى : ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ ) قيل لهم ان استندتم إلى العجز فاتركوا العناد فوضع قوله ـ فاتقوا النار ـ موضعه لأن اتقاء النار لصيقة وضميمة من حيث أنه من نتائجه وروادفه ، لأن من اتقى النار ترك المعاندة. ونظيره أن يقول الملك لحشمه ـ إن أردتم الكرامة عندي فاحذروا سخطي ـ يريد فأطيعوني وأطيعوا أمري واحذروا ما هو نتيجة حذر السخط وروادفه .. ومن هذا الباب قوله تعالى : ( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا ) ألا ترى إلى لطافة هذه الكناية فإنها أفادت تكذيب دعواهم ودفع ما انتحلوه وفائدتها هاهنا أنه روعي في تكذيبهم أدب حسن لم يصرح بلفظه ، فلم يقل كذبتم لأن فيه نوع استقباح في الخطاب فوضع قوله ـ قل لم تؤمنوا ـ الذي هو نفي ما ادعوا اثباته موضعه لأن ذلك رادف له .. ومما يجري هذا المجرى قوله تعالى : ( قالَ الْمَلَأُ