قوله : ( لِرَبِّ الْعالَمِينَ ) ثم اقتضب فقال : ( كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ ) .. وهو في القرآن كثير جدا وأكثر ما يرد في ذكر القصص وهذا من النوع الاول من الاقتضاب لأنه بلا فاصلة .. وقال ابن الاثير ومما استطرف من هذا النوع قول ابن الزملكاني (١) :
وليل كموج البرقعيديّ ظلمة |
|
وبرد أعانيه وطول قرونه |
سريت ونومي فيه نوم مشرّد |
|
كعقل سليمان بن فهد ودينه |
على أولق فيه التفات كأنّه |
|
أبو جابر في خبطه وجنونه |
على أولق فيه التفات كأنّه |
|
أبو جابر في خبطه وجنونه |
إلى أن بدا ضوء النهار كأنه |
|
سنا وجه قرواش وضوء جبينه |
وقال : إن هذه الابيات لها حكاية ، وذلك أن هذا الممدوح كان جالسا في ندمائه في ليلة من ليالي الشتاء ، وفي جملتهم هؤلاء الذين هجاهم الشاعر ، كان البرقعيديّ مغنيا ، وسليمان بن فهد وزيرا ، وأبو جابر حاجبا فالتمس الممدوح من الشاعر أن يهجو المذكورين ويمدحه.
قال المصنف عفا الله عنه : هذا الذي ذكره ابن الاثير قد أورده علماء علم البيان في باب الاستطراد هو به أمسّ وأليق.
__________________
(١) ابن الزملكاني هذا تصحيح منا اعتمادا على حفظنا ، وفي الاصل ابن الزمكلفة .. وقد أورد الابيات التنوخي في كتابه الاقصى القريب في باب التخلص والاقتضاب ولم يسم القائل.