ولا مضمارها من حلبات ميدانهم ، والله سبحانه أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الخلق كافة أحمرهم وأسودهم قال الله تعالى : ( قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ). وقال تعالى : ( وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ) ولا يثبت إعجازه على الكافة الاّ بما يعزب على الكافة الاتيان بمثله مع اعترافهم بان في مقدورهم من جنسه ولو جاء موسى لقومه بالفصاحة ، وعيسى لبني اسرائيل بالبراعة لما قامت لهما على قومهما بذلك حجة .. وقال قوم : إنما وقع إعجازه بما فيه من المعاني الخفية والجلية وفنون العلوم النقلية والعقلية .. وأصحاب هذا القول لهم في ذلك خمسة مذاهب منهم من قال اعجازه فيما جاء فيه من أخبار القرون السالفة في الأزمنة الخالية والأعصر الماضية في الأماكن القاصية والدانية ، وقصص الأنبياء مع أممها مما التمسوه منه مثل قصة أهل الكهف وقصة الخضر وموسى عليهما الصلاة والسلام ، وحال ذي القرنين ، ومما لم يسألوه عنه من قصص بقية الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين مع تحققهم أنه أمي لا يحسن الكتابة ولا تقدمت منه دراسة ولا سبقت منه رحلة ، ولا انتهت اليه نحلة ، ولم يكن بأرضه من يعلم بالأخبار ، ويقتفي الآثار سوى أهل الكتاب الذين صرح بسبهم وأطلق لسانه في ثلبهم وضلل عقولهم وهجن طريقهم وأظهر معايبهم ، ولو كان أحد منهم أطلعه على شيء ذلك أو اعلمه به لقابلوه بالإفصاح في الرد عليه ، ولملئوا الأرض بالتشنيع والتقريع ، وحيث لم ينقل ذلك علم أنه لم يعلمه بشر وليس ذلك إلا من جهة الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، مع أنه قد تعرض جماعة من سفهائهم فقالوا :ما أخبر الله عنهم : ( إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ) وكانوا يقولون : إنه سلمان الفارسي وغيره ، فرد الله سبحانه عليهم بقوله : ( لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ).
وقد اعترض على هذا القول بأنّ بعض سور القرآن ليس فيها شيء