بلغ هذه الآية : ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ ). إلى قوله تعالى ( الْمُصَيْطِرُونَ ) كاد قلبي أن يطير. وفي رواية : أول ما وقر الايمان في قلبي .. وروى أن عتبة بن ربيعة كلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما جاء به من خلاف قومه فتلا عليهم : حم فصّلت. إلى قوله : ( صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ ) فأمسك عتبة على في رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وناشده الرحم أن يكف. وفي رواية :فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ وعتبة مصغ ملق بيده خلف ظهره معتمدا عليها ، حتى انتهى إلى السجدة ، فسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقام عتبة لا يدري بما يراجعه ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قومه ، حتى أتوه فاعتذر اليهم ، وقال : لقد كلمني كلاما ما سمعت أذناي بمثله قط ، فما دريت ما أقول له ، ومثل هذا كثير .. وأما من مات عند سماع تلاوة القرآن من المؤمنين وزال عقله وتدله من المحبين ، وراجع الأمر من المذنبين العاصين ، فكثير لا يمكن حصره ولا يسعنا هاهنا ذكره ، فكتب الرقائق فيها من ذلك كثير ..
وقد اعترض هذا القول بأن جماعة من أرباب القلوب وذوي الاستغراق في بديع أوصاف المحبوب حصل له من سماع بعض الأشعار وما أخرجه عن طوره وربما مات على فوره .. وقال قوم : اعجازه حفظ آياته من التبديل ، وصون كلماته من النقل والتحويل ، ولا يستطيع أحد أن يتحيف منه سمطا ، ولا يزيده شكلا ، ولا نقطا ولا يدخل فيه كلمة من غيره ، ولا يخرج منه أخرى ، ولا يبدل حرفا بحرف ، وذلك من آياته الكبرى ، وكم جهد أهل العناد في ذلك ، فما قدروا له ، وما استطاعوا ، وكم قصدوا تحريفه فأبى الله ذلك ، فأذعنوا له وأطاعوا ..
روى أن يهوديا تكلم في مجلس المتوكل فأحسن الكلام وناظر فعلم أنه من جملة الأعلام ، وناضل فتحققوا أنه مسدد السهام ، فدعاه