أما الأول : فقد اختار الإمام فخر الدين رحمهالله أن الاستعارة ليست من المجاز لعدم النقل ، وجمهور علماء هذا الشأن عدوها من المجاز لاستعمال اللفظ في غير ما وضع له.
وأما الثاني : فقد اختلفت عبارات علماء هذا الشأن في حدها فقال علي بن عيسى : الاستعارة استعمال العبارة لغير ما وضعت له في أصل اللغة ، وقد أبطل الإمام فخر الدين ما قاله ابن عيسى في حد الاستعارة من وجوه أربعة. الأول : أنه يلزم أن يكون كل مجاز لغوي استعارة. الثاني يلزم أن تكون الاعلام المنقولة من باب المجاز. الثالث :استعمال اللفظ في غير معناه للجهل بذلك. الرابع : أنه يتناول الاستعارة التخييلية على ما سيأتي ..
وقال قوم الاستعارة جعل الشيء الشيء أو جعل الشيء للشيء لأجل المبالغة في التشبيه. فالأول : كما تقول لقيت أسدا ، وتعني الشجاع فقد جعلت الشجاع أسدا فهذا جعل الشيء الشيء. والثاني كقول الشاعر :
إذ أصبحت بيد الشمال زمامها
وسيأتي .. وقال المتقدمون من أرباب الصناعة والاستدلال بالشيء المحسوس على المعنى المعقول. وهذا هو أحد أنواع الاستعارة ، فإن الاستعارة على أقسام وسيأتي بيانه .. وقال قوم : الاستعارة ادعاء معنى الحقيقة في الشيء للمبالغة في التشبيه مع طرح المشبه .. وقال الامام فخر الدين رحمهالله الاستعارة : ذكر الشيء باسم غيره وإثبات ما لغيره له لأجل المبالغة في التشبيه.
فقوله ـ ذكر الشيء باسم غيره ـ احترازا عما إذا صرّح بذكر المشبه كقولك : زيد أسد فإنك ما ذكرت زيدا باسم الأسد بل ذكرته باسمه الخاص فلا جرم أن ذلك لم يكن استعارة.