وأما قوله ـ وإثبات ما لغيره له ـ ذكره لتدخل فيه الاستعارة التخييلية. وقوله ـ لأجل المبالغة في التشبيه ـ ذكره لتتميز به عن المجاز.
وأما الثالث : فقد اختلفت عبارات أرباب هذه الصناعة في أقسامها فقال قوم : أقسامها أربعة. الأول : أن يكون المستعار ، والمستعار منه محسوسين. الثاني : أن يكونا معقولين. الثالث : أن يكون المستعار معقولا والمستعار منه محسوسا. الرابع : أن يكون على العكس ..
أما استعارة المحسوس للمحسوس فهي على قسمين أحدهما : أن يكون الاشتراك في الذات والاختلاف في الصفات ، والثاني أن يكون العكس. فمثال الأول أن يكونا حقيقتان تتفاوت إحداهما في الفضيلة أو النقص والقوة والضعف ، فينقل اللفظ الموضوع للأكمل في ذلك النوع إلى الأنقص. مثاله : استعارة الطيران للعدو ، فانهما يشتركان في الحقيقة ، وهي الحركة المكانية إلا أن الطيران أسرع من العدو ، فلما تساويا في الحقيقة واختلفا في القوة والضعف في السرعة لا جرم نقلوا اسم الكامل في السرعة إلى الناقص فيها فسموا العدو طيرانا.
وقد يقع في هذا الجنس ما يظن أنه مستعار ولا يكون كذلك وذلك اذا كانت جهة الاختلاف خارجة عن مفهوم الاسم كقول بعضهم :
وفي يدك السيف الذي امتنعت به |
|
صفاة الهدى من ان تدقّ فتخرقا |
فالظاهر ان الخرق حقيقة في الثوب مجاز في الصفات ، ولكن التحقيق يأباه لأن الشق يستعمل في الخرق ، فيقال شققت الثوب ، والشق عيب في الثوب ، وهذه الملاقاة على وجه الحقيقة ، فلما قام الشق مقام الخرق ، وجب أن يقوم الخرق مقام الشق ظاهرا ، وإلا لو كان للخرق مفهوم سوى مفهوم الشق ، لكان لفظ الخرق مشتركا بينهما وهو خلاف الأصل فثبت أن الخرق والشق لفظان مترادفان ، ولما كان