المعقول أعم من التشبيه بالوصف المحسوس ، وإذا علم هذا وتبيّن الوجه الذي يكون منه التشبيه تعيّن ذكر أقسام التشبيه مبينة منزّلة على ما قدّمناه.
وأما الخامس : فقد أطبق جمهور علماء هذه الصناعة على أن أقسامه أربعة : الاول : تشبيه محسوس بمحسوس. الثاني : تشبيه معقول بمعقول. الثالث : أن يكون المشبه معقولا ، والمشبه به محسوسا. الرابع : أن يكون المشبه محسوسا والمشبه به معقولا. وقد زاد ابن الأثير قسما خامسا ، وسماه غلبة الفروع على الأصول ، وسيأتي بيانه.
أما الأول وهو تشبيه المحسوس بالمحسوس فكقوله تعالى : ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) وقوله تعالى : ( كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ ) ومن شرط هذا النوع أن يكون المشبه والمشبه به مشتركين من وجه مختلفين من وجه ، ولا يخلو إما أن يكون اشتراكهما في الذات واختلافهما في الصفات ، وإما أن يكون بالعكس.فالأول مثل تشبيه العدو بالطيران لأنه ليس الاختلاف بينهما إلا بالسرعة وبالبطء. والثاني كتشبيه الشعر بالليل والوجه بالنهار .. وأما القسم الثاني وهو تشبيه المعقول بالمعقول فهو كتشبيه الموجود العاري عن الفوائد بالمعدوم أو تشبيه الشيء الذي تبقى فوائده بعد عدمه بالموجود. ومنه قول الشاعر :
فرحت وآمالي كحظي كواسف |
|
وعزمي يحاكي سعيه في المكارم |
وأما القسم الثالث الذي هو تشبيه المعقول بالمحسوس ، فهو كقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ ). وقوله : ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً ). وقوله