والثاني أن الاشتراك في نفس الصفة أسبق من الاشتراك في مقتضاها. الثالث أن المشابهة في الصفة قد تبلغ الى حيث يتوهم أن احدهما الآخر. وأما المشابهة في مقتضى الصفة لا تبلغ إلى هذا الحد لأن من المستحيل أن لا يجد العاقل فصلا بين ما يقتضيه ذوق العسل في نفس الذائق ، وبين ما يحصل بالكلام المقبول في نفس السامع .. وأما القسم الخامس فقال ابن الاثير : ومن أقسام التشبيه قسم يقال له غلبة الفروع على الأصول ، وهو ضرب من الكلام ظريف لا يكاد يوجد منه شيء الا والغرض به المبالغة .. فما جاء من ذلك قول ذي الرّمة :
ورمل كأوراك العذارى قطعته |
|
إذا ألبسته المظلمات الحنادس |
ـ ومثل ذلك قول بعضهم :
في طلعة البدر شيء من ملاحتها |
|
وفي القضيب نصيب من تثنيها |
والغرض بهذا النوع المبالغة في وصف المشبه به كأن هذا المعنى ثبت له وصار أصلا.
وأما السادس : في أدوات التشبيه فأدواته اسماء وأفعال وحروف. أما الاسماء فمثل بسكون الثاء وتحريكها وشبه بسكون الباء وتحريكها وأشباه ذلك. وأما الافعال كحسبت وخلت ويحسب ويخال ونظائرها. وأما الحروف فالكاف مفردة واذا أضيف اليها ما يجري مجرى ذلك وقد نطق بذلك كله الكتاب العزيز والسنة.
أما الأسماء فقال الله تعالى : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ).قال تعالى : ( مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ ). وقال تعالى : ( مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ