قلت : لكن هذا المثال غير صالح لما نحن فيه من مسألة الاجتماع ، لكونه خارجا عن هذه المسألة من ناحية الموضوع أعني العالم والفاسق ، وأنّ تركّبهما اتّحادي كما مرّ في صدر المسألة (١) ، ولا يكون مثالا للجهة التي نحن فيه من مسألة الاجتماع التي يكون عدم المندوحة فيها دائميا إلاّ على فرض وقول أو احتمال تقدّم (٢) بطلانه ، وهو كونه من مسألة الاجتماع.
والأولى أن يمثّل لذلك بالأمر الاستحبابي المتعلّق بمطلق الصلاة ، أعني النافلة المبتدأة في الدار المغصوبة ، فإنّ التزاحم بينه وبين مثل لا تغصب دائمي ، فينبغي أن يكون اجتماعهما داخلا في باب التعارض. لكن لازم كونهما من باب التعارض هو الحكم ببطلان النافلة المبتدأة في المكان المغصوب إذا كان المكلّف جاهلا بالغصبية. ولا يمكن الجواب عنه بأنّ الاستحباب لا يزاحم الحرام ، لما لا يخفى من تحقّق التدافع بينهما بالضرورة ، وإنّما نقول إنّ المستحبّ لا يزاحم الحرام لأنّا نقول إنّ الحرمة مقدّمة على الاستحباب في مقام التزاحم ، والمفروض أنّ المقام مقام تعارض لا مقام تزاحم.
والذي يهوّن الإشكال هو عدم ترتّب الأثر على فساد النافلة المبتدأة لو قدّمنا دليل التحريم على دليل الاستحباب بعد فرض المعارضة بينهما ، إذ ليس لها إعادة ولا قضاء إلاّ إذا كانت منذورة وجاء بها في الدار المغصوبة ، هذا ما حرّرته سابقا في التعليق على ما نقلته عنه قدسسره.
ولكن لا يخفى أنّ هذا المثال أيضا لا يصلح مثالا لما نحن فيه من مسألة الاجتماع وكون عدم المندوحة دائميا ، فإنّ عموم هذا الأمر الاستحبابي وإن كان
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٤١.
(٢) [ لعلّه تقدّم في تحريراته المخطوطة ].