وبنحو ذلك حرّره المرحوم الشيخ محمّد علي (١) من دون تعرّض لاستكشاف كونه مقدورا ، وحينئذ لا يتوجّه عليه ما في الحاشية من : أنّ كون الخروج واجبا بحكم العقل وإن كان لا بدّ فيه من كونه مقدورا تكوينا ، إلاّ أنّه مع ذلك غير قابل لتعلّق التكليف التحريمي به بعد تحقّق الدخول ، ضرورة أنّ تحريمه الفعلي مساوق للعجز عنه تشريعا ، ومن الواضح أنّه لا يجتمع مع كون التصرّف بغير الخروج حراما بالفعل كما هو المفروض ، لاستلزامه التكليف بما لا يطاق وهو غير معقول الخ (٢).
وبيان عدم توجّه هذا الايراد هو أنّ شيخنا لا يريد بذلك الوجه الرابع إلاّ بيان أنّ الخروج لا يكون مبغوضا كي يكون داخلا في قاعدة الامتناع بالاختيار ، بل يريد أن يدّعي أنّ الخروج من أوّل الأمر غير منهي عنه ، وأنّ الكاشف عن كونه غير منهي عنه ولو بالنهي السابق هو كونه في حدّ نفسه معنونا بعنوان حسن ، وما يكون في حدّ نفسه معنونا بعنوان حسن يستحيل أن يتعلّق به النهي لا فعلا ولا سابقا. ولو سلّمنا أنّه قدسسره أراد ببيان ذلك الحسن العقلي استكشاف كونه مقدورا فذلك أيضا في محلّه ، لأنّ ما يحكم العقل بحسنه لا بدّ أن يكون مقدورا تكوينيا ، بل إنّ تحريم ما عداه شرعا كاشف أيضا عن كونه في حدّ نفسه مقدورا ، إذ لو كان في حدّ نفسه قهريا ومضطرا إليه لما صحّ تحريم ما عداه شرعا.
أمّا دعوى أنّ تحريم ما عداه مدخلة له في الممتنع تركه المضطرّ إليه بسوء الاختيار فقد عرفت فيما تقدّم (٣) أنّ الاضطرار إلى الشيء الناشئ عن تحريم ما
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٥٠ ـ ٤٥١.
(٢) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ١٩٢.
(٣) في الصفحة : ١٣٠.