بشرب الخمر مبغوض للشارع ، كما أنّ إدخال الشخص نفسه في موضوع يوجب تكليفه بالتصرّف في مال الغير مبغوض للشارع (١).
ويمكن أن يقال إنّ موقع قوله : كما هو ليس ببعيد (٢) ، هو هذه الجهة أعني دعوى حرمة المقدّمة التي توقعه فيما يوجب تكليفه بشرب الخمر حفظا لنفسه ، مع كون الشرب في ذلك الحال حسنا عقلا ومحبوبا شرعا.
ولكن يمكن أن يقال : إنّ عدم الحيض شرط ملاكي ، ولأجل ذلك جاز للمرأة أن تعمل ما يوجب إيقاعها فيه ، بخلاف مثل مطلق الطهور فإنّه شرط خطابي ، ولأجل ذلك كانت المرأة غير معاقبة على ذلك العمل ولا على ترك الصلاة ، وهذا بخلاف ما لو تعمّد ما يوجب عدم تمكّنه من مطلق الطهور ، فإنّه معاقب على ترك الصلاة من حين إقدامه عليه وإن سقط به الخطاب بها مع بقاء ترك الصلاة مبغوضا بحاله.
وحينئذ نقول : إنّ التصرّف الخروجي وشرب الخمر للعلاج وحفظ النفس ، وكذا ترك الصوم لمن أوقع نفسه في مرض يضرّه فيه الصوم ، إن كانت هذه الأمور من قبيل صلاة الحائض لم يكن المقدم على مقدّماتها مستحقّا للعقاب ، لا على المقدّمة ولا على المخالفة في هذه الأمور ، وإن كانت من قبيل صلاة فاقد الطهورين كان مستحقّا للعقاب على المخالفة فيها لا على المقدّمة ، فإنّ هذا الباب حينئذ من باب المقدّمات المفوّتة والتكليف فيها طريقي ، والعقاب فيها إنّما يكون على مخالفة التكاليف التي تؤدّي تلك المقدّمات (٣) إلى الاضطرار إلى
__________________
(١) فوائد الأصول ١ ـ ٢ : ٤٥١ ـ ٤٥٢.
(٢) والذي تقدّم نقله عن أجود التقريرات في ص ١٦٥.
(٣) ينبغي هنا مراجعة ما أفاده شيخنا قدسسره في بحث المقدّمات المفوّتة وما علّقناه عليه [ منه قدسسره ].