بين الأمر والنهي فيها ، إلاّ أنّ ما نحن فيه أجنبي عن مورد عدم المندوحة ، لأنّ ذلك المورد إنّما يكون فيما إذا لم يكن واقعا في الغصب على كلّ حال ، فيدور الأمر بين ترك الصلاة وبين ارتكاب الغصب ، فيقع التأمّل والإشكال في أنّ أيّا منهما هو المقدّم ، أمّا ما نحن فيه فهو واقع في الغصب على كلّ حال ، فلا يكون من قبيل الدوران بين ترك الصلاة والغصب ، انتهى.
وبنحو هذا صرّح المرحوم الشيخ موسى فيما حرّره عنه قدسسرهما فإنّه قال : أمّا على الجواز فلأنّ المبغوضية غير مانعة عن قصد التقرّب ، لأنّ المبغوض يصدر عن المكلّف على أي حال صلّى فيه أم لم يصلّ ، فإيجاد فعل الصلاة ليس موجبا لايجاد المبغوض ، ولا يؤثّر اجتماع عنوان المبغوض معه.
قلت : لا يخفى أنّ القبح الفاعلي الذي كان هو المانع عنده قدسسره من الجواز من حيث الجهة الثانية متحقّق في هذه الصورة على الظاهر ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ القبح الفاعلي إنّما يتحقّق بعد تقديم جانب النهي ، وحينئذ نقول في مورد عدم المندوحة لا ريب في وقوع التزاحم بين الأمر والنهي ، فإن قدّمنا جانب النهي تحقّق القبح الفاعلي وكان مقتضاه بطلان الصلاة وسقوط الأمر بها ، وإن قدّمنا جانب الأمر كانت الصلاة صحيحة وسقط النهي ، وإن تردّدنا في ذلك لأنّ كلا منهما ليس له البدل توقّفنا في الحكم بالصحّة إذا كان عدم المندوحة بمعنى أنّه لا يتمكّن من الصلاة إلاّ في المكان المغصوب ، ولم يكن في نفسه مضطرّا إلى ذلك المكان ، على إشكال في ذلك تقدّم ذكره (١) وبيان أنّ النهي في مثل ذلك يكون مقدّما على الصلاة إذ لا إشكال في أنّه لا يشرع له الغصب لأن يصلّي.
وأمّا إذا كان عدم المندوحة لأجل اضطراره إلى المكان المغصوب صلّى أو
__________________
(١) راجع الحاشيتين المتقدّمتين في الصفحة : ٨٠ و١١١.