التعدّد في المعنون أنّه لا يوجب التعدّد أصلا حتّى بالنسبة إلى الجهة التعليلية ، فذلك ممّا يشهد الوجدان بخلافه ضرورة تعدّد الجهة المذكورة. نعم إنّ ذلك أعني إثبات التعدّد في ناحية الجهة التعليلية لا يضرّ بما قصده صاحب الكفاية من عدم إمكان الاجتماع ، لأنّ الجهة التعليلية ليست هي مركب الحكمين ، وإنّما مركبهما هو المعنون والمفروض أنّه واحد لا تعدّد فيه أصلا.
وإن أراد صاحب الكفاية إنكار تعدّد المعنون نفسه وإن تعدّدت الجهات التعليلية كما ربما يظهر ممّا رسمه على الهامش في الأمر الرابع (١) فذلك أمر لا بدّ منه بناء على ما قدّمناه من كون الجهة تعليلية ، ولا يرد عليه ما أفاده شيخنا قدسسره من أنّ اختلاف العناوين وافتراق أحدها في الصدق عن الآخر كاشف قطعي عن اختلاف الجهة وتعدّدها ، فإنّك قد عرفت أنّه أعني تعدّد الجهة قطعي لا ريب فيه ، والمفروض أنّ صاحب الكفاية لا ينكره وإنّما ينكر تعدّد المعنون ، وهو أعني عدم تعدّد المعنون بناء على كون الجهة تعليلية أمر لا بدّ منه ولا محيص عنه.
لا يقال : كيف تقولون إنّ عدم تعدّد المعنون أمر لا ريب فيه في مثل العالم والعادل مع أنّ كلا من هذين العنوانين كلّي طبيعي ويكون وجوده بوجود فرده ، بل قد تقدّم (٢) أنّ الفرد عين وجود كلّيه الطبيعي ، وحينئذ لا بدّ أن يكون في البين فردان أحدهما مصداق العالم والآخر مصداق العادل ، ويكون اجتماعهما في الخارج في وجود واحد من قبيل التركّب الاتّحادي.
لأنّا نقول : ليس أمثال هذه العناوين إلاّ من العناوين الانتزاعية التي ليس لها
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٦٠.
(٢) راجع الحاشية المتقدّمة في المجلّد الثاني من هذا الكتاب ، الصفحة ٤٤٥ وما بعدها.