الصدق جهات تعليلية لا بدّ لنا من الالتزام بأنّ تكثّر العناوين لا يوجب تكثّرا في المعنون ، أعني به ذلك المصداق الذي تحمل عليه تلك العناوين المتعدّدة ، فإنّ انطباق العالم والعادل ونحوهما على زيد وإن كان كاشفا عن تعدّد في الجهة التي هي العلّة في انطباق عنوان العالم وعنوان العادل ، إلاّ أنّ ذلك لا يوجب تعدّدا في المعنون ، وهو ذلك الفرد الإنساني أعني به زيدا المذكور ، بل يبقى على ما هو عليه من الوحدة قبل أن تنطبق عليه هذه العناوين وقبل أن تطرأ عليه جهاتها التعليلية التي كان اتّصافها بها علّة في انتزاع تلك العناوين منه وتطبيقها وحملها عليه ، ولأجل ذلك نقول : إنّ التركّب في مثل ذلك اتّحادي لا انضمامي ، بل قد عرفت فيما مضى (١) أنّه لا معنى للتركّب في أمثال ذلك حتّى الاتّحادي منه ، لما شرحناه هنا من وحدة المصداق وحدة حقيقية وإن كانت جهة الصدق أعني علّته متعدّدة فتأمّل ، فإنّ تعدّد تلك الجهة التعليلية لا يوجب تعدّدا في ذلك المصداق كي يقال إنّه تركّب تركّبا اتّحاديا.
نعم ، إنّما يتصوّر التركّب الاتّحادي في مثل تركّب الجنس والفصل ونحو ذلك ، دون ما نحن فيه من العناوين العرضية المنتزعة من الذات باعتبار اتّصافها بعرض من عوارضها هذا ، ولكن سيأتي منه قدسسره (٢) عند التعرّض لكلمات صاحب الكفاية أنّ الحجر الأساسي في المسألة هو كون هذه الجهات هل هي من الجهات التعليلية أو من الجهات التقييدية ، وأنّه على الأوّل لا بدّ من الالتزام بكون التركّب اتّحاديا وعلى الثاني لا بدّ من كونه انضماميا.
والحاصل : أنّ صاحب الكفاية إن أراد من أنّ تعدّد العنوان لا يوجب
__________________
(١) [ لم نجده فيما مضى ].
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٥٥ ـ ١٥٧.