عالم أصل التشريع واللوح المحفوظ. وهذه المرحلة هي محلّ العنوان في هذه المسألة ، أعني مسألة النهي عن العبادة يقتضي فسادها ، لكونه في ذلك المقام موجبا لمبغوضيتها فتفسد ولا يمكن التقرّب بها.
المرحلة الثانية : مرحلة الاثبات ومقام إعمال الدليل الاجتهادي ، بأن يكون لنا أمر عام يشمل هذه العبادة ، ومع ذلك يوجد لنا دليل خاص يتضمّن النهي عن هذه العبادة. وهذه المرحلة هي مرحلة إعمال الأدلّة الاجتهادية بدفع التعارض بتخصيص ذلك العام وإخراج مورد النهي عنه ، فيكون ذلك موجبا لفساده بحكم الدليل الاجتهادي ، أعني الدليل الخاص المفروض تقدّمه على ذلك العام. وهذا الفساد يكفي فيه مجرّد كون النهي منافيا للأمر ، مع قطع النظر عن كونه موجبا لمبغوضية متعلّقه ، وهذا المقدار لا يكون مختصّا بالنهي ، بل يجري في كلّ خاص مخالف للعام في الحكم ، حتّى لو كان بلسان أنّ الفعل الفلاني ليس بواجب أو ليس بمستحبّ أو هو مباح متساوي الطرفين أو أنّه مكروه ، ولأجل ذلك نقول : إنّ الفساد الحاصل من هذه المرحلة خارج عن محلّ النزاع في اقتضاء النهي عن العبادة فسادها.
المرحلة الثالثة : هي مرحلة الوظيفة العملية عند الشكّ في مشروعية العبادة ، وهي أصالة الفساد. وهذه المرحلة أجنبية عمّا هو محلّ النزاع بمراحل ، فلا معنى لأن يقال إنّ النهي عن العبادة يخرجها عن عموم الأمر ، وبعد هذا يشكّ في مشروعيتها فنحكم بفسادها عملا بأصالة عدم المشروعية ، هذا.
ولكن يمكن التأمّل في ذلك من جهات :
الأولى : أنّ الفساد في مقام الثبوت لا يختصّ بالنهي التحريمي ، بل إنّ كلّ حكم واقعي يكون على خلاف ما يقتضي عبادية ذلك الفعل ، كالإباحة والكراهة