والنهي الغيري والنهي التبعي ، فإنّ هذه كلّها لو طرأ شيء منها في الواقع وفي مقام الثبوت على فعل من الأفعال لا يبقى مجال فيه لكونه عبادة صحيحة مأمورا بها قابلة للتقرّب بها.
الجهة الثانية : أنّ العلّة التي أوجبت الفساد في النهي المولوي التحريمي ـ أعني المبغوضية المانعة من إمكان التقرّب ـ يجري نظيرها في النهي الكراهتي ، لأنّه موجب لمرجوحية متعلّقه ، ومع فرض كونه مرجوحا لا يمكن الحكم بصحّته عبادة ، إذ لا بدّ في العبادة من كونها راجحة. وهذا هو الفساد الثبوتي الثابت في نفس الأمر والواقع للعبادة التي ورد عليها النهي في نفس الأمر من دون أن يكون في البين عموم في مقابله ، إذ لا عموم ولا تخصيص في هذه المرحلة كي يكون الفساد المذكور ناشئا عن إعمال قواعد التعارض. وهذا الفساد هو المراد من قولهم إنّ النهي عن العبادة يوجب فسادها ، فإنّ مرادهم به هو الفساد الواقعي الثابت في نفس الأمر والواقع ، من دون أن يكون في قباله عموم أصلا ، فلا يكون هذا الفساد إلاّ معلولا لنفس النهي الموجب للمبغوضية المانعة من إمكان التقرّب بها.
الجهة الثالثة : أنّ الكلام إن كان في الفساد الواقعي في مقام الثبوت الذي هو راجع إلى المرحلة الأولى ، فلا معنى للقول بأنّه بعد تحقّق الفساد المذكور يحكم بالتخصيص ، فإنّ الحكم بالتخصيص إنّما هو في مقام الاثبات لا في مقام الثبوت. مضافا إلى أنّ هذا التخصيص ليس بتخصيص شرعي ، وإنّما هو بحكم العقل ، فإنّ الحاكم بأنّ العبادة المبغوضة لا يمكن التقرّب بها وأنّها خارجة عن عموم الأمر إنّما هو العقل دون الشرع. مضافا إلى أنّ الحرمة الواقعية لا طريق لنا إليها إلاّ من جهة هذا الدليل الخاصّ ، الناهي عن صوم يوم العيد مثلا.