وحينئذ نقول : إنّ هذا الدليل الخاصّ إنّما يترتّب عليه الفساد بعد ثبوت مدلوله الذي هو النهي والحرمة ، وما دام عموم الأمر موجودا ولو مثل « الصوم جنّة من النار » (١) لا يمكننا الحكم بحرمة صوم يوم العيد كي نرتّب عليه الفساد ، وإنّما يتسنّى لنا ذلك كلّه بعد اسكات ذلك العموم بتخصيصه بذلك النهي الخاصّ ، وبعد التخصيص وخروج يوم العيد عن عمومات الأمر بالصوم خطابا وملاكا ، كما هو الشأن في التخصيصات الواقعية ، يكون صوم يوم العيد فاسدا ، وحينئذ تكون عملية التخصيص سابقة في الرتبة على الحكم بالفساد ، ويكون الفساد مستندا إلى التخصيص لا إلى نفس النهي والمبغوضية ، وبناء عليه يكون المناسب إرجاع هذه الثمرة إلى باب التعارض ، ويكون الفساد هنا من ناحية الجمع الدلالي ، أعني تحكيم الخاصّ على العام ، سواء كان ذلك الخاص متضمّنا للنهي المولوي التحريمي أو النهي الغيري أو النهي التبعي أو النهي الكراهتي ، أو كان متضمّنا لعدم الوجوب والاباحة.
ويمكن الالتزام بالجهة الثانية ، بل بالجهة الأولى باخراج النهي الغيري والتبعي والالتزام بكون الاباحة ـ بمعنى تساوي الطرفين وعدم الرجحان ـ منافيا للعبادة وموجبا لفسادها ، ولا ضير في ذلك.
كما أنّه مع قطع النظر عن هذه الجهة من المنافاة الواقعية بين العبادية وبين المبغوضية أو المرجوحية أو تساوي الطرفين القاضي بالفساد ، يمكن التطرّق إلى الفساد من ناحية أخرى ، هي دعوى كون التحريم أو الكراهة أو الاباحة بل الاستحباب لا يجتمع مع الوجوب ، فيكون ما دلّ على تحريم هذا الفعل أو كراهته أو إباحته ـ بمعنى أنّه ليس بواجب ـ مخصّصا لما دلّ بعمومه على وجوبه سواء
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٠ : ٣٩٥ / أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ١ وغيره.