لو لم نقل بذلك ، في جريان تصحيحها بالملاك أو بالأمر الترتّبي كما أفاده شيخنا قدسسره ، وكأنّ القول بأنّها لا بدّ من الالتزام بفسادها بناء على القول المزبور ، ناشئ عن دعوى كون ذلك النهي والتحريم كسائر النواهي يكون حكما مستقلا ذا كيان استقلالي ، كما إذا ورد النهي عن المزاحم للازالة بنهي وتحريم مستقل غير متولّد من الأمر بالازالة ، فإنّه بناء على هذه الدعوى لا بدّ من إعمال قواعد التخصيص الشرعي ، الذي يكون لازمه خروج الصلاة المذكورة عن عموم الأمر خطابا وملاكا. لكنّك قد عرفت المنع من هذه الدعوى ، وأنّ هذا النهي على تقدير القول به لا يكون إلاّ متفرّعا عن الأمر بالازالة ومتولّدا عنه ، بل ليس ذلك النهي الناشئ عن ذلك الأمر إلاّ كوجود ظلّي لذلك الأمر ، فيستحيل أن يكون ذلك النهي أقوى من ذلك الأمر ، على وجه تكون منافاته للأمر بالصلاة منافاة تعارض مع فرض كون منافاة أصله ـ الذي هو الأمر بالازالة ـ مع الأمر بالصلاة منافاة تزاحم.
وحاصل ذلك : أنّه لا يعقل أن يكون تقديم ذلك النهي على الأمر بالصلاة موجبا لخروجها عن حيّز الأمر خطابا وملاكا ، مع فرض أنّ تقديم أصله وأساسه الذي هو الأمر بالازالة على الأمر بالصلاة لا يكون موجبا لخلل في الصلاة ، إلاّ من حيث سقوط وجوبها خطابا فقط ، من دون أدنى خلل يمسّ كرامة ملاكها.
وإن شئت إقامة البرهان على ذلك فقل : إنّ النهي الغيري عن الصلاة معلول للأمر بالازالة ، فلو كان ذلك النهي معارضا للأمر بالصلاة على وجه لا يجتمعان في عالم التشريع ، بحيث كان النهي عن ضدّ الازالة منافيا في عالم التشريع للأمر بالصلاة ، كانت هذه المنافاة في عالم التشريع سارية بالضرورة إلى علّة ذلك النهي الذي هو الأمر بالازالة ، فلازمه أن تكون هذه العلّة منافية في عالم التشريع ومعارضة للأمر بالصلاة ، وقد تقرّر أنّه لا منافاة في عالم التشريع بين الأمر بالصلاة